______________________________________________________
المضي فمنه قوله تعالى : (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٧٠) إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ)(١) وقوله تعالى : (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها)(٢) فأبدل يومئذ من إذا (٣) ؛ فلو لم تكن صالحة للاستقبال ما أبدل يوم المضاف إليها من إذا ، انتهى.
ومنها قد :
قال المصنف : إذا دخلت قد على المضارع فهي كربما في التقليل والصرف إلى معنى المضي. هذا ظاهر قول سيبويه ؛ فإنه قال في باب عدة ما يكون عليه الكلم (٤) :
وأمّا قد فجواب لقوله لمّا يفعل فتقول قد فعل ثم قال : فتكون قد بمنزلة ربّما.
قال الهزلي :
٤٢ ـ قد أترك القرن مصفرّا أنامله |
|
كأنّ أثوابه مجّت بفرصاد (٥) |
كأنه قال ربما. هذا نصه.
فإطلاقه القول بأنها بمنزلة رب موجب للتسوية بينهما في التقليل والصرف إلى المضي (٦) فإن خلت من التقليل خلت غالبا من الصرف إلى معنى المضي وتكون ـ
__________________
(١) سورة غافر : ٧٠ ، ٧١. (٢) سورة الزلزلة : ٤.
(٣) أي في قوله تعالى : (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها) [الزلزلة : ١].
(٤) انظر : الكتاب (٤ / ٢٢٣).
(٥) البيت من بحر البسيط قاله عبيد بن الأبرص من قصيدة يفتخر فيها بنفسه وبقومه (انظر ديوانه ص ٤٩ ، ومختارات ابن الشجري ص ٤٠٧).
اللغة : القرن : الشجاع الكفء في الشجاعة ، مصفرّا أنامله : ميتا. مجت بفرصاد : رشت به وهو ماء التوت ؛ يريد أن الدم على ثيابه كماء التوت ؛ وفي البيت فخر بالشجاعة والحماس في القتال.
وتداول الاستشهاد على أن قد بمنزلة ربّما ، قال ابن مالك : في التقليل والصرف إلى المضي ، ورده أبو حيان وانظر تعليقنا بعد قليل.
والبيت في شرح التسهيل (١ / ٢٩) والتذييل والتكميل (١ / ١٠٧) ومعجم الشواهد (ص ١٢٠).
(٦) اعترض أبو حيان على ابن مالك في هذا الفهم فقال :
لم يبين سيبويه الجهة التي فيها قد بمنزلة ربما وعدم التبيين لا يدل على التسوية في الأحكام ؛ بل يستدل بكلام سيبويه على نقيض ما فهم منه المصنف وهو أن قد بمنزلة ربما في التكثير فقط ؛ ويدل عليه إنشاد البيت ؛ لأن الإنسان لا يفتخر بشيء يقع منه على سبيل القليل والندرة ؛ وإنما يفتخر بما يقع منه على سبيل الكثرة فتكون قد هنا بمنزلة ربما في التكثير كقول امرئ القيس (من الطويل) :
ويا ربّ يوم قد لهوت وليلة |
|
بآنسة كأنّها خطّ تمثال |
انظر : التذييل والتكميل (١ / ١٠٨).