______________________________________________________
الثاني. وبهذا علل المصنف إعراب الفعل فوافق الكوفيين ؛ إلا أنه لم يوافقهم في كون إعرابه أصلا كما هو في الاسم وقد تقدم ذلك.
ونقل الشارح مذهبا ثالثا وهو عكس مذهب البصريين ، قال :
«وحكى بعض المتأخرين أن الفعل أحقّ بالإعراب من الاسم ؛ لأنه وجد فيه بغير سبب ؛ فهو له بذاته ؛ بخلاف الاسم فهو له لا بذاته فهو فرع» انتهى (١).
ومثل هذا ينبغي ألا يتشاغل به.
البحث الثالث :
الذي تمسك به البصريون في كون الإعراب أصلا في الاسم هو ما تقدم من أنه يقبل بصيغة واحدة معاني مختلفة ، وتقريره في نحو : ما أحسن زيدا إذا تعجبت منه ، وما أحسن زيد إذا نفيت عنه الإحسان ، وما أحسن زيد؟ إذا استفهمت. قالوا : فلو لا الإعراب [١ / ٥٤] لالتبست هذه المعاني ، ثم حمل ما لا لبس فيه من الأسماء على ما فيه لبس نحو : شرب زيد الماء كما حملت أخوات يعد في الحذف عليه (٢) قالوا : ولا كذلك الأفعال ؛ لأنه لو زال الإعراب منها ما التبست معانيها.
وأجابوا عما ذكره الكوفيون في نحو : لا تأكل السمك وتشرب اللبن ، بأن النصب على إضمار أن والجزم على إرادة لا والرفع على القطع. قالوا : فلو ظهرت العوامل المضمرة لكانت دالة على المعاني ولم يحتج إلى الإعراب ؛ فالإعراب إنما دل على المعاني لما حذفت العوامل وجعل هو دليلا عليها ؛ وذلك فرع والأصل ما ذكرنا (٣) انتهى.
وضعف هذا الوجه غير خفي.
البحث الرابع :
جعل البصريون العلة في إعراب المضارع مشابهة الاسم في الإبهام والتخصيص ـ
__________________
(١) انظر : التذييل والتكميل (١ / ١٢٢).
(٢) أخوات يعد هي : أعد ونعد وتعد. وإنما كانت يعد هي الأصل لوجود علة حذف الواو فيها ، وهي الثقل الناشئ من اجتماع ما يشبه أحرف العلة الثلاثة ؛ حيث وقعت الواو بين الياء المفتوحة والكسرة ، والفتحة بعض الألف والكسرة بعض الياء ، ثم حمل على ذلك ما ليس مبدوءا بالياء من المضارع.
(٣) أي من إظهار العوامل في المثال المذكور وهي أن في النصب ولا في الجزم ، ومن العامل المعنوي في الرفع وهو القطع (انظر التذييل والتكميل ١ / ١٢٢ ـ ١٢٣).