«منكلي» الفخري فكتب إليه الشيخ صلاح الدين الصفدي يقول :
من چنكلي صرت إلى منكلي |
|
فكل خير أرتجي منك لي |
وأنت لي كهف وما مقصدي |
|
من هذه الدنيا سوى أنت لي (١) |
وقد سبق أن ذكرنا أن عمل «ناظر الجيش» هو : «النظر في أمر الإقطاعات بمصر والشام بالكشف عنها ، ومشاورة السلطان في أمرها ، ويتصل بالنظر في شؤون المماليك السلطانية ؛ وله أتباع».
وبالبحث عرفنا أن مثل هذه الوظائف لا تكون إلا للأمراء ، وهم من معتوقي المماليك الذين سمت بهم همتهم وحظهم إلى مرتبة الإمارة ، فيعطى لكل واحد من هؤلاء إقطاع يمنحه فيستغله وفق هواه ، أو يتناول منه مالا معينا : ويتغير إقطاعه ويعطى أوسع منه كلما ترقى ، ويرد الإقطاع إلى السلطان ليمنحه لأمير آخر إذا توفي صاحبه أو عطل (٢).
ومن الوظائف التي يتولاها هؤلاء الأمراء وظيفة «ناظر الجيش».
ولنتساءل هل كان محب الدين محمد بن يوسف واحدا من هؤلاء الأمراء الذين هم من معتوقي المماليك حتى يتولى هذا المنصب؟ أو أنه تولاه نظرا لتفوقه العلمي؟.
أغلب الظن أن ناظر الجيش كان أميرا من أمراء المماليك ؛ لأن هذه الوظيفة كانت مقصورة عليهم (٣) ، أما طبقة المثقفين ـ وكان يطلق عليهم في عهد المماليك اسم : المتعممين ، وهم من أبناء الشعب المتخرجين في المساجد النابغين في علم أو أدب ـ فهؤلاء كان يختار منهم : قضاة القضاة ونوابهم ومساعدوهم ، وكتاب الدواوين ومعاونوهم ، وكتاب السر ، وشيوخ المدارس والخوانق ، إلى غير ذلك ؛ أي تركت لهم مناصب القضاء والكتابة والتعليم وما يتصل بها ، ولهؤلاء أجور ورواتب وضروب من المعونة يمنحونها من أوقاف أو نحوها لقاء
__________________
(١) انظر : النجوم الزاهرة (١١ / ١٤٣).
(٢) انظر : عصر سلاطين المماليك (١ / ٨٤).
(٣) انظر : المدرسة النحوية في مصر والشام (ص ٣٩).