فلما عاقت عنه العوائق ، وتقاصر العزم لما نبا الطلبة عن تلك الطرائق ، وشغلتني الخدم (١) ، وتحققت ما رأيته من قصور الهمم ـ أحجمت عن إتمامه من غير فترة ، وتركت العمل فيه ؛ وإن كانت الرغبة في ذلك مستمرة».
صفاته وأخلاقه :
لقد تحلى ناظر الجيش بصفات غاية في الحسن والروعة ..
فها هو ذا ابن حجر يقول عنه : «وترقى إلى أن ولي نظر الجيش بالديار المصرية ، ففاق من قبله من الأكابر ؛ فضلا عن أقرانه في المروءة والعصبية لجميع الناس ممن يقصده ؛ خصوصا طلبة العلم ، فكان لهم في أيامه من المكارم والأفضال ما لا يعبر عنه ولا يحصى كثرة ؛ حتى إني لم أدرك أحدا من المشايخ إلا ويحكي عنه في هذا الباب ما لا يحكيه الآخر ، ولم يزل في عزه وجاهه ومهابته إلى أن مات» (٢).
وقال عنه ابن تغري بردي : «وكان القاضي محب الدين رجلا صالحا فاضلا ، وله سماع عال» (٣).
وقال عنه ابن العماد في شذرات الذهب : «وكان كثير الظرف والنوادر ، وبلغت مرتباته في الشهر ثلاثة آلاف ، وكان من محاسن الدنيا مع الدين والصيانة» (٤).
المناصب التي تولاها :
لقد ذكرت المصادر أن ناظر الجيش ترقى إلى أن ولي نظر الجيش بالديار المصرية (٥) ، وهذا يدل على أنه تولى وظائف كثيرة كان آخرها نظر الجيش ، ويشهد لذلك ما ذكره ابن تغري بردي في النجوم الزاهرة حيث قال :
«وكان في ابتداء أمره تولى ديوان «چنكلي» بن البابا ، ثم خدم عند الأمير
__________________
(١) يبدو أنها جمع : خدمة كنعمة ونعم ونقمة ونقم ، ولكنه غير مستعمل ، ومما يؤكد هذا المعنى أن ابن تغري بردي حين ذكره قال عنه : «وكان في ابتداء أمره تولّى ديوان جنكلي بن البابا ، ثم خدم عند الأمير منكلي الفخري». انظر النجوم الزاهرة (١١ / ١٤٣).
(٢) انظر : الدرر الكامنة (٥ / ٦١).
(٣) انظر : النجوم الزاهرة (١١ / ١٤٤).
(٤) انظر : شذرات الذهب (٦ / ٢٥٩).
(٥) انظر : الدرر الكامنة (٥ / ٦١).