______________________________________________________
مع التخالف في اللفظ ، وقد تقدم أن نحو القمرين ليس بمثنى صناعي ؛ فلا يتوجه الاستدلال به على ما قصده.
ثم قال المصنف : «وممّن صرّح بجواز ذلك ابن الأنباري رحمهالله (١) واحتجّ بقوله ـ عليه الصّلاة والسّلام : «الأيدي ثلاث فيد الله تعالى العليا ويد المعطي ويد السّائل السفلى إلى يوم القيامة» (٢).
قال : ويؤيّد ذلك قول العرب : «خفّة الظّهر أحد اليسارين والغربة أحد السّبائين واللبن أحد اللّحمين والحمّة أحد الموتين» (٣).
ويمكن أن يكون من ذلك قول الشّاعر :
٨٨ ـ يداك كفت إحداهما كلّ يائس |
|
وأخراهما كفّت أذى كلّ معتدي (٤) |
__________________
(١) هو محمد بن القاسم بن محمد بن بشار بن الحسين الإمام أبو بكر بن الأنباري النحوي اللغوي ، ولد سنة (٢٧٠ ه) ، وكان من أعلم الناس بالأدب والنحو ، غلبت عليه النزعة الكوفية ، كان يملي في ناحية وأبوه يملي مقابله ، وكان مع علمه وأدبه زاهدا متواضعا إلا أنه كان بخيلا لا يعطي مع ثرائه. سمع من ثعلب وغيره وكان من أهل السنة.
مصنفاته : كثيرة منها غريب الحديث ، أدب الكاتب ، الواضح في النحو ، الأضداد ، شروح شعر الأعشى والنابغة وزهير ، توفي ببغداد سنة ٣٢٧ ه ، انظر ترجمته في بغية الوعاة : (١ / ٢١٢) الأعلام (٧ / ٢٢٦) نشأة النحو (ص ١٥١).
(٢) انظر في ذلك الهمع : (١ / ٤٣) ، قال السيوطي : «للتثنية والجمع شروط : الإفراد والإعراب وعدم التركيب والتنكير والخامس : اتفاق اللفظ ... وهل يشترط اتفاق المعنى فيه أقوال أحدها : نعم وعليه أكثر المتأخرين ... والثاني : لا وصححه ابن مالك تبعا لأبي بكر بن الأنباري قياسا على العطف». والحديث في مسند الإمام أحمد بن حنبل : (٤ / ١٣٧) ، ونصه فيه هكذا : عن مالك بن نضلة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الأيدي ثلاثة فيد الله العليا ويد المعطي التي تليها ويد السائل السفلى فأعطين الفضل ولا تعجز عن نفسك».
(٣) انظر الأمالي لأبي علي القالي : (٢ / ٦٤) ، وزاد فيه : وتعجيل اليأس أحد اليسرين ، والشعر أحد الوجهين والرواية أحد الهاجيين. وفي الأمالي وغيره (التذييل والتكميل : ١ / ٢١٧) الحمية بكسر أوله وياء وهو خطأ والصحيح ما أثبتناه بضم أوله دون ياء ومعناه السم أو الإبرة التي تضرب بها الحية ، لسان العرب (٢ / ١٠١٥). وقوله : الغربة روي بالغين والراء فتكون بمعنى البعد عن الأهل ، كما روي بالعين والزاي فتكون بمعنى من لم يتزوج ، وكلا المعنيين صحيح فيما يعود عليه من الخبر.
(٤) البيت من بحر الطويل مجهول القائل والقصيدة التي منها وهو في المدح ، وفيه يصف الشاعر ممدوحه في الشطرة الأولى بالكرم وفي الثانية بالشجاعة. وشاهده قوله : يداك : حيث أراد بواحدة النعمة وبالثانية ـ