______________________________________________________
أراد يد النعمة ويد الجارحة ، ويؤيد ذلك قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ)(١) فإن الواو إما عائدة على المعطوف والمعطوف عليه ، أو على المعطوف وحده مستغنى بخبره عن خبر المعطوف عليه ؛ فهذا ممتنع ؛ لأنّه من باب الاستدلال بالثاني على الأول كقول الشاعر :
٨٩ ـ نحن بما عندنا وأنت بما |
|
عندك راض والرأي مختلف (٢) |
وهو ضعيف وإنما الجيد الاستدلال بالأول كقوله تعالى : (وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ)(٣). وصون القرآن العزيز عن الأوجه الضعيفة واجب.
ولو سلم استعمال هذا الوجه مع ضعفه لمنع من استعماله هنا تخالف (٤) المستدلّ به والمستدلّ عليه في المعنى ، وذلك لا يجوز بإجماع فتعين عود الواو إلى المعطوف والمعطوف عليه ، وكون الصلاة معبرا بها عن حقيقتين مختلفتين وهو المطلوب (٥) انتهى.
والحق أن تثنية ما اختلف معناه وجمعه لا يجوزان إلا سماعا ؛ بل ينبغي أن ـ
__________________
ـ الجارحة المعروفة ؛ وعليه فلا يشترط في التثنية اتحاد المعنى ، ويكفي الاتحاد في اللفظ كما في هذا البيت.
والبيت في شرح التسهيل (١ / ٦١) وفي التذييل والتكميل (١ / ٢٣٠).
(١) سورة الأحزاب : ٥٦.
(٢) البيت من بحر المنسرح ، واختلف في قائله ، فقيل : قيس بن الخطيم ، والبيت في ديوانه (ص ٦٣ ، ١٧٣) من قصيدة مطلعها شاهد آخر وهو :
الحافظو عورة العشيرة لا |
|
يأتيهم من ورائنا نطف |
وقيل : قائله عمرو بن امرئ القيس من بني الحارث بن الخزرج جاهلي ؛ قالها في بني مالك بن العجلان البخاري. انظر معجم الشعراء (ص ٥٥ ، ٥٦). ويستشهد بالبيت على حذف الخبر من المبتدأ الأول لدلالة خبر الثاني عليه ، وهو ضعيف كما ذكره الشارح. والبيت في شرح التسهيل (١ / ٦١) ، وفي التذييل والتكميل (١ / ٢٣٠) وفي معجم الشواهد (ص ٢٣٩) في مراجع كثيرة.
ترجمة قيس بن الخطيم : هو قيس بن الخطيم بن عدي الأوسي أبو يزيد شاعر الأوس له في وقعة بعاث التي كانت بين الأوس والخزرج قبل الهجرة أشعار كثيرة ، أدرك الإسلام وتريث في قبوله فقتل قبل أن يدخل فيه ، وكانت وفاته قبل الهجرة بعامين. له ديوان شعر مطبوع وشعره جيد ومن الأدباء من يفضله على حسان.
انظر ترجمته في الأعلام (٦ / ٥٥).
(٣) سورة الأحزاب : ٣٥.
(٤) في النسخ : خلاف مكان تخالف وما أثبتناه ـ وهو أولى ـ من شرح التسهيل (لابن مالك) (١ / ٦١).
(٥) انظر : شرح التسهيل (١ / ٦١).