______________________________________________________
وأما قوله : وبكونه لمن يعقل فقد قال المصنف (١) : «لا حاجة إلى تنكّب التعبير بمن يعقل واستبداله بمن يعلم كما نص قوم ، لأن باعثهم على ذلك قصد دخول أسماء الله تعالى فيما يجمع هذا الجمع ، والعلم مما يخبر به عن الله تعالى دون العقل. وباعثهم على ذلك غير مأخوذ به إلا فيما سمع نحو : (وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ)(٢) ؛ فليس لغير الله تعالى أن يجمع اسما من أسمائه. فقادرون ونحوه من المعبر به عن الله تعالى مقصور على السماع ، فإذا لم يدع داع إلى تنكب لفظ العقل فذكره أولى من لفظ العلم (٣) لأنه أدلّ على المقصود».
وأما قوله : أو مشبّه به فأشار بذلك إلى نحو : (رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ)(٤) ؛ لأن المراد به ما لا يعقل إلا أنه بنسبة السجود إليه أشبه ما يعقل فعومل معاملته في الجمع والإضمار.
وهذا مطرد فيما جرى هذا المجرى مما لا يعقل (٥).
ومنه قول الشاعر يصف قوسا ونبلا :
١٢٧ ـ فحالفني دون الأخلّاء نبعة |
|
ترنّ إذا ما حرّكت وتزمجر |
لها فتية ماضون حيث رمت بهم |
|
شرابهمو قان من الدّم أحمر (٦) |
__________________
ـ وقال السيوطي في الهمع (١ / ٤٢): «جوّز الكوفيون تثنية نحو بعلبكّ وجمعه واختاره ابن هشام الخضراوي وأبو الحسن بن الربيع وبعضهم بتثنية ما ختم بويه وجمعه وهو اختياري. وذهب بعضهم إلى أنه يحذف عجزه فيقال : سيبان وسيبون».
(١) انظر : شرح التسهيل (١ / ٧٨).
(٢) سورة المؤمنون : ١٨.
(٣) في النسخة (ج) : فذكره أولى من ذكر العلم.
(٤) سورة يوسف : ٤.
(٥) قال الزمخشري في هذه الآية : (رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ :) «فإن قلت فلم أجريت مجرى العقلاء؟
قلت : لأنّه لما وصفها بما هو للعقلاء وهو السجود أجرى عليها حكمهم كأنها عاقلة وهذا كثير شائع وفي كلامهم أن يلابس الشيء الشيء من بعض الوجوه فيعطى حكما من أحكامه إظهارا لأثر الملابسة».
تفسير الكشاف (٢ / ٣٠٣).
(٦) البيتان من بحر الطويل وهما في الفخر ولم أقف على قائلهما ، وقد وردا في شروح التسهيل لابن مالك (١ / ٧٨) ولأبي حيان (١ / ٣٠٧) وللمرادي (١ / ٧٩). وليسا في معجم الشواهد.
اللغة : النبع : شجر قوي تتخذ منه القسيّ ومن أغصانه السهام ، الواحد نبعة. الفتية : السهام ، قان : بمعنى أحمر.