______________________________________________________
ثم قال : «ولم يقس النحويّون على هذا وهو عند سيبويه (١) من أقبح الضرورات وحكى الأخفش عن العرب : ديناركم مختلفة ، يريد دنانيركم وحملوه على الشّذوذ» انتهى (٢).
وهذا عجب من الشيخ ؛ فإن كلامه يقتضي أن المصنف أجاز وقوع المفرد موقع المثنى مطلقا [١ / ١٢٠] وكذا وقوع المثنى موقع المفرد. والمصنف إنما أجاز ذلك في شيء خاص وهو كل اثنين لا يغني أحدهما عن الآخر.
ثم إنه قول المصنف بالقياس ، ولم يتعرض المصنف ؛ لأن ذلك مقيس أو غير مقيس ؛ غاية ما يشعر به كلامه : أن معاقبة الإفراد التثنية فيما ذكره مستعمل وارد كثيرا ، أما أنه ينقاس أو لا ينقاس فليس في كلامه إشعار به (٣).
وأشار المصنف بقوله : وربما تعاقبا مطلقا إلى أنه قد تحصل المعاقبة بين الإفراد والتثنية في غير ما تقدم الكلام عليه : فمن وقوع المفرد موقع المثنى قوله تعالى : (فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ)(٤) ، وقوله تعالى : (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ)(٥). ـ
__________________
اللغة : سبينا : مبني للمجهول من السبي وهو الأسر. شجينا : يقال : شجي بالعظم يشجى من باب علم ، أي اعترض العظم في حلقه.
المعنى : يقول الشاعر لقوم : لا تنكروا قتلنا لكم ، فقد سبيتم منا ؛ فإن كان في حلوقكم عظم من القتل ، فقد غصصنا بالسبي.
وشاهده : وضع الحلق موضع الحلوق ، وهو جائز لوضوحه.
والبيت في معجم الشواهد (ص ٥٤٨) وفي التذييل والتكميل (٢ / ٨٣) وطفيل : هو طفيل بن عوف الغنوي ، جاهلي أقدم من النابغة ، وهو من الوصافين للخيل. ترجمته في بروكلمان (١ / ١٩٩).
(١) انظر الكتاب : (١ / ٢٠٩) ولم يقل سيبويه إن وضع المفرد موضع الجمع من أقبح الضرورات كما قال أبو حيان عنه ؛ وإنما نص كلامه هكذا : وليس بمستنكر في كلامهم أن يكون اللفظ واحدا والمعنى جميع ؛ حتى قال بعضهم : في الشعر من ذلك ما لا يستعمل في الكلام. ثم مثل ببيتي علقمة وطفيل.
(٢) انظر : التذييل والتكميل (٢ / ٨٤).
(٣) أخذ أبو حيان القياسية في كلام ابن مالك من الإخبار وسرد الكلام دون تعليق ، وذلك عند ما قال في المتن : ويعاقب الإفراد التثنية في كل اثنين لا يغني أحدهما عن الآخر. ثم قال بعد ذلك : وربما تعاقبا مطلقا.
قال أبو حيان معلقا : هذا يدل على أن الحكم الذي أورده قبل ذلك مقيس عنده ـ لقوله في هذا وربما.
وهي تدل على التقليل. (التذييل والتكميل : ٢ / ٨٥).
(٤) سورة الشعراء : ١٦.
(٥) سورة ق : ١٧.