______________________________________________________
وقد استثنى الكوفيون أيضا صورة ثانية لا يجب فيها الإبراز ، وهي إذا تكررت الصفة نحو : زيد حسنة أمه عاقلة هي ، فلا يوجبون هي بعد عاقلة. وفي الحقيقة هذه الصورة داخلة تحت قولهم : لا يجب الإبراز عند أمن اللبس ، فلا حاجة إلى تخصيصها بالذكر.
وقد ذكر النحاة أن الضمير لا يبرز إذا كان لمثنى أو جمع ؛ لأن في تثنية اسم الفاعل وجمعه دلالة عليه ، وذلك نحو : مررت برجل قائم أبواه لا قاعدين ، وقائم آباؤه لا قاعدين. استغنى في المثال الأول عن هما ، وفي المثال الثاني عن هم بتثنية اسم الفاعل وجمعه ، وسيأتي ذلك في باب المبتدأ إن شاء الله تعالى.
البحث الثالث :
تقدم أنه يجب انفصال [١ / ١٦٣] الضمير إذا نصبه عامل في مضمر قبله غير مرفوع عند الاتفاق في الرتبة ، إلا إذا كانا للغيبة واختلفا لفظا ؛ فإنه قد يتصل الضمير الثاني.
وقد ذكر الشيخ أنه قد يؤتى بالثاني متصلا حال التكلّم والخطاب والغيبة دون الاختلاف لفظا فقال (١) :
«إذا اتفق الضميران في الرتبة فإما أن يكونا لمتكلم أو مخاطب أو غائب.
إن كان لمتكلم فلا اتصال نحو : منحتني إياي ، ويقبح الاتصال ، وإن كانا لمخاطب فالاختيار الانفصال ، ويجوز الاتصال ضعيفا نحو : أعطيتكما إياكما ، وأعطيتكما كما ، وأعطيتكم إيّاكم ، وأعطيتكم كم ، وأعطيتكن إيّاكن ، وأعطيتكن كنّ ، ومنع الاتصال الفراء (٢).
وإن كانا لغائب فإما أن يتحدا لفظا أو يختلفا (٣) : إن اتحدا فكضمير المخاطب (٤) فيكون الانفصال مختارا نحو : الدرهم أعطيته إياه ، ويجوز على ضعف : ـ
__________________
جريان رافع الضّمير على غير صاحب معناه ؛ ليجري الباب على سنن واحد. وخالفهم الكوفيّون فلم يلتزموا الإبراز إلّا مع اللّبس وبقولهم أقول لورود ذلك في كلام العرب كقول الشّاعر (من البسيط) :
قومي ذرى المجد بانوها وقد علمت |
|
بكنه ذلك عدنان وقحطان |
(١) التذييل والتكميل (٢ / ٢٢٨).
(٢) في شرح أبي حيان : هذا مذهب أصحابنا والكسائي ومنع الاتصال الفراء (المرجع السابق).
(٣) بأن كان أحدهما مفردا والآخر مثنى أو جمعا ، أو أحدهما مذكرا والآخر مؤنثا.
(٤) في النسخ : فكضميري الغائب ، وما أثبتناه وهو الأسدّ من التذييل والتكميل.