______________________________________________________
القسمين علم أن ما عداها باق على الأصل ، فيمتنع فيه التأخير.
أما مواضع الجواز :
فاعلم أن المفسر [١ / ١٧٢] المؤخر إما أن يكون رتبته التقديم ، وإما أن يكون رتبته التأخير ، فهما قسمان :
أما القسم الأول : فإليه الإشارة بقوله : ويقدّم الضّمير المكمّل إلى قوله : إن كان المعمول مؤخر الرّتبة ؛ لأن المعمول الذي اتصل به الضمير إذا كان مؤخر الرتبة كان المفسر عن ذلك الضمير مقدم الرتبة. ومراده أنه يجوز تأخير المفسر كثيرا إذا كان الضمير مكملا معمول فعل ، ورتبة ذلك المعمول التأخير عن المفسر المؤخر في اللفظ ، ويدخل تحت هذه العبارة صور وهي :
ضرب غلامه زيد (١) ، وغلامه ضرب زيد ، وضرب غلام أخيه زيد (٢) ، وغلام أخيه ضرب زيد ، وما أراد أخذ زيد (٣) ، وضرب جارية يحبّها زيد (٤).
لأن المضاف إليه يكمل المضاف ، ومعمول الصلة يكمل الموصول ، كما يكمل ما بفاعل أراد الممثل به ، ومعمول الصفة يكمل الموصوف كما يكمل جارية بفاعل يحبها.
ونظير المثال الأول (٥) قوله تعالى : (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى)(٦).
ونظير الثاني (٧) قول العرب : في بيته يؤتى الحكم (٨) ، وشتّى تؤوب ـ
__________________
(١) في هذا المثال مفسر الضمير هو زيد ، وموقعه من الإعراب فاعل ، ومرتبة الفاعل التقديم ، ومعمول الضمير هو غلام ؛ حيث أضيف إليه وبإضافته إليه صار مكملا له ، وموقعه مفعول به. ومرتبته التأخير عن الفاعل ، والعامل في المفسر وفيما أضيف إليه الضمير واحد وهو الفعل المقدم ، والمثال الذي بعده يشبهه.
(٢) لا يفترق عن الأولين ، غير أن المفعول مضاف إلى مضاف إلى الضمير.
(٣) في هذا المثال مفسر الضمير هو زيد أيضا ، والضمير فاعل أراد ، وجملة أراد صلة الموصول وهو ما مفعول ، والأصل فيه التأخير ، والعامل في المفسر هو العامل في المفعول.
(٤) في هذا المثال جملة يحبها التي بها الضمير صفة لجارية ، والصفة تكمل الموصوف والموصوف هو المفعول.
(٥) وهو قوله : ضرب غلامه زيد بتقديم الضمير على مفسره ، مع تأخير عامله عن العامل.
(٦) سورة طه : ٦٧.
(٧) وهو قوله : غلامه ضرب زيد بتقديم الضمير على العامل والمفسر معا.
(٨) مثل من أمثال العرب حكوه على لسان الحيوان ، وأصله كما في مجمع الأمثال (٢ / ٤٤٢) : أن أرنبا وثعلبا احتكما إلى ضب وهو في جحره ، فطلبا منه الخروج إليهما ، فقال المثل. ويضرب لمن يريد شيئا فالواجب أن يذهب إليه.