رابعا : ناظر الجيش والزمخشري :
يعد الزمخشري واحدا من الذين أثروا العربية ، وفنونها بكثير من المؤلفات ، والآراء. وهو كذلك واحد من الذين دارت بين ابن مالك وبينهم معارك لغوية وصلت في بعض الأحيان ـ من ابن مالك ـ إلى منبوذ القول ، أو شديد اللهجة والتعبير.
وقد كان ناظر الجيش معتدلا بحق في مواقفه من هذا العالم المعتزلي العقيدة المتعصب لعقله ، كان ناظر الجيش منصفا له مجلّا إياه مدافعا عنه.
يقول عقب مسألة ذكر فيها رأي الزمخشري :
«فانظر إلى هذا الرجل كيف يهديه الله تعالى إلى سبيل الرشاد ، ويطلعه على الأسرار ، وينطق لسانه بما فيه الحكمة والصواب ، وبهذا المعنى الذي قرّره يظهر لك التفاوت بين في والباء في هذا المحل ؛ لأن الباء لا تفيد ما أفادته في من كون هذا التدبير كالمنبع والمعدن ، وإنما تفيد السببية لا غير».
وفي مسألة أخرى يقول ناظر الجيش : قال ابن مالك «وقال الزمخشري في : م الله : ومن الناس من يزعم أنها من أيمن ، قلت : لم يعرف من الذي زعم ذلك وهو سيبويه رحمهالله تعالى. وفي عدم معرفة الزمخشري بأن صاحب هذا القول سيبويه ، دليل على أنه لم يعرف من كتابه إلا ما يعرف بتصفح ، وانتقاء لا بتدبر واستقصاء ؛ فما أوفر تبجحه ، وأيسر ترجحه عفا الله عنّا وعنه!» فقال ناظر الجيش في ذلك : «.. وليس فيه إلا تعرضه إلى الغضّ من الزمخشري ، وتجهيله إياه بكتاب سيبويه. وليس هذا من طريقة المصنف ؛ فإنه ـ بحمد الله تعالى ـ مكفوف اللسان عمن هو دون الزمخشري في الرتبة ، فكيف بمن هو عالي الرتبة؟ ولكن ـ كما قيل ـ الجواد قد يكبو ، والصارم قد ينبو ، والعجب أن ما قاله في حق الزمخشري من أنه لا يعرف من الكتاب إلا ما يعرف بتصفح وانتقاء ، لا بتدبر واستقصاء ، قاله الشيخ أثير الدين في حقه إما بهذا اللفظ ، أو بمعناه ، أو ما يقرب منه حسب ما تقف عليه في باب إعراب الفعل إن شاء الله تعالى وهذا يحقق قول القائل : كما تدين تدان.