ونودّ أن نقرر أولا أن ناظر الجيش كان يجلّ شيخه ، ويوقره ، لكن لمّا وقع من الشيخ ما وقع ، رد عليه الناظر بنية إحقاق الحق وتقرير الصواب.
نصّ ردّ أبي حيان على ابن مالك في استشهاده بالحديث :
قال أبو حيان (١) : «فأما استدلاله بالأثر فنقول : قد لهج هذا المصنف في تصانيفه كثيرا بالاستدلال بما وقع في الحديث في إثبات القواعد الكلية في لسان العرب بما روي فيه ، وما رأيت أحدا من المتقدمين ، ولا المتأخرين سلك هذه الطريقة غير هذا الرجل ؛ على أن الواضعين الأولين لعلم النحو المستقرئين للأحكام من لسان العرب ـ كأبي عمرو بن العلاء ، وعيسى بن عمر ، والخليل ، وسيبويه من أئمة البصريين ، والكسائي ، والفراء ، وعلي بن مبارك الأحمر ، وهشام الضرير من أئمة الكوفيين ـ لم يفعلوا ذلك ، وتبعهم على هذا المسلك المتأخرون من الفريقين ، وغيرهم من نحاة الأقاليم ، كنحاة بغداد وأهل الأندلس.
وقد جرى الكلام في ذلك مع بعض المتأخرين الأذكياء ، فقال : إنما ترك العلماء ذلك ؛ لعدم وثوقهم أن ذلك نفس لفظ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ وذلك أن الرواة جوّزوا النقل بالمعنى. قال : وقد وقع اللحن كثيرا في ما روي في الحديث ؛ لأن كثيرا من الرواة كانوا غير عرب بالطبع ، ولا يعلمون لسان العرب بصناعة النحو فوقع اللحن في نقلهم وهم لا يعلمون. وأطال الكلام في ذلك إلى أن قال : إن المصنف يستدل بالآثار متعقبا بزعمه على النحويين ، وما أمعن النظر في ذلك ولا صحب من [له] التمييز في هذا الفنّ والاستبحار والإمامة ؛ ولذلك تضعف استنباطاته من كلام سيبويه ، وينسب إليه مذاهب ، ويفهم من كلامه مفاهيم لم يذهب سيبويه إليها ، ولا أرادها.
وقال لي قاضي القضاة أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن جماعة الكناني الحموي ، وكان ممن قرأ على المصنف وقد جرى ذكر ابن مالك واستدلاله بما أشرنا إليه ، قال :
__________________
(١) انظر ذلك في باب عوامل الجزم (آخر الباب) في شرح التسهيل لناظر الجيش.