قلت : يا سيدي هذا الحديث روته الأعاجم ، ووقع فيه بروايتهم ما تعلم أنه ليس من لفظ الرسول صلىاللهعليهوسلم فلم يجب بشيء. قال : وإنما أمعنت الكلام في هذه المسألة ؛ لئلا يقول مبتدئ : ما بال النحويين يستدلون بقول العرب وفيهم المسلم والكافر ، ولا يستدلون بما ورد في الحديث بنقل العدول كالبخاري ، ومسلم وأضرابهما؟! فإذا طالع ما ذكرناه أدرك السبب الذي لأجله لم يستدل النحاة بالحديث» (١) انتهى.
ردّ ناظر الجيش على شيخه أبي حيان في هذه القضية :
قال ناظر الجيش : وأقول : أما إنكاره على المصنف الاستدلال بما ورد من الأحاديث الشريفة معتلّا لذلك بأن الرواة جوزوا النقل بالمعنى :
فيقال فيه : لا شك أن الأصل في المروي أن يروى باللفظ الذي سمع من الرسول صلىاللهعليهوسلم ، والرواية بالمعنى وإن جازت فإنما تكون في بعض كلمات الحديث المحتمل لتغيير اللفظ بلفظ آخر يوافقه معنى ؛ إذ لو جوزنا ذلك في كل ما يروى لارتفع الوثوق من جميع الأحاديث بأنها هي بلفظ الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وهذا أمر لا يجوز توهمه فضلا عن أن يعتقد وقوعه. ثم إن المصنف إذا استدل على مسألة بحديث لا يقتصر على ما في الحديث الشريف ؛ بل يستدل بكلام العرب من نثر ، ونظم ، ثم يردف ذلك بما في الحديث إما تقوية لما ذكره من كلام العرب ، وإما استدلالا على أن المستدل عليه لا يختص جوازه بالشعر ؛ بل إنه يجوز في الاختيار أيضا. ولا يخفى عن اللبيب أن قول النبي صلىاللهعليهوسلم لعمر رضي الله تعالى عنه في ابن صياد : «إن يكنه فلن تسلّط عليه ، وإن لا يكنه فلا خير لك في قتله» يبعد فيه أن يكون مغيرا ، وكذا قوله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الله ملّككم إيّاهم ولو شاء ملّكهم إيّاكم».
وبعد : فرحمهمالله تعالى بمنه ، وكرمه (٢).
__________________
(١) شرح التسهيل لناظر الجيش (باب عوامل الجزم) وانظره في التذييل في الجزء الخامس ورقة (٧٢) (مخطوط) والاقتراح (ص ٥٢).
(٢) تمهيد القواعد باب عوامل الجزم.