وبعد :
فقد ظهر لنا مما تقدم من الحجج التي ركن إليها كل من الفريقين. الذين يجوزون ، والذين لا يجوزون الاستشهاد بالحديث. ويعدّ ناظر الجيش ـ في رده هذا على أبي حيان ـ أول من كشف القناع أو النقاب عن وجه هذه القضية ، وأول من فصّل فيها وعلّل. هذا ، وإذا كان أبو حيان قد سار مع ابن الضائع فإن ناظر الجيش قد وافق ابن مالك في مذهبه هذا ...
ولكل من الفريقين ـ بعد ذلك ـ أتباع (١).
بقي أن نذكر أن شواهد الحديث الشريف في هذا الشرح الكبير بلغت أو قاربت الخمسمائة حديث ، وهذا نموذج منها مقرون بشرح وتخريج ناظر الجيش له :
قال المصنف : وممن رأى زيادة من في الإيجاب الكسائي وحمل على ذلك قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «إنّ من أشدّ النّاس عذابا يوم القيامة المصوّرون» فقال : أراد : إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون ، وكان المصنف قد قال في المتن : «وتزاد لتنصيص العموم ، أو لمجرد التوكيد بعد نفي ، أو شبهه» قال الناظر : «وأما قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «إنّ من أشدّ النّاس عذابا يوم القيامة المصوّرون» فقد كفى المصنف مؤونة الجواب عنه إذ قال في باب الأحرف الناصبة الاسم الرافعة الخبر لما ذكر أن ضمير الشأن يكون اسما لإن ، وأنه يحذف معها كثيرا قال : وعليه يحمل «إن من أشدّ الناس عذابا يوم القيامة المصوّرون» لا على زيادة من خلافا للكسائي» (٢).
رابعا : الشعر :
لقيت الشواهد الشّعرية ـ كغيرها ـ من النحاة تفضيلا ، ورفضا ، وقبولا ، واهتم بعضهم بها اهتماما لم يتحقق لغيرها فإذا ما جاء ـ بعضهم ـ يشرح شواهد كتاب في النحو ، أو الصرف ـ جعل جلّ اهتمامه ـ أو كلّه ـ
__________________
(١) وانظر : الاقتراح (ص ٥٢ ـ ٥٥) ، والبحث اللغوي (ص ٣٢ ـ ٣٩) ، ودراسات في العربية وتاريخها (ص ٣٤ ـ ٤٠) ، ومقدمة خزانة الأدب للبغدادي.
(٢) انظر ذلك في باب حروف الجر.