كنانة ، وبعض الطائيين ، ولم يؤخذ عن غيرهم من سائر قبائلهم» (١).
أما الشواهد النثرية فتشمل نوعين من اللغة :
الأول : ما جاء في شكل خطبة ، أو وصية ، أو مثل ، أو حكمة أو نادرة. ويعدّ هذا النوع من آداب العرب ذات الأهمية ويأخذ في الاستشهاد مكانة مكانة الشعر ، وشروطا كشروطه.
الآخر : ما نقل عن بعض الأعراب ومن يستشهد بكلامهم في حديثهم دون أن يتحقق له ذيوع وانتشار كالذي تحقق للأول.
ولهذا شروط في الزمان وفي المكان :
فمن ناحية الزمان : حددت نهاية الفترة التي يستشهد بها بآخر القرن الثاني الهجري بالنسبة لعرب الأمصار. وأما عرب البادية فآخر القرن الرابع. ويرتبط المكان بفكرة البداوة والحضارة ؛ فكلما كانت القبيلة بدوية أو أقرب إليها كانت لغتها أفصح ، والثقة فيها أكبر ، وكلما كانت متحضرة أو قريبة منها كانت أساليبها وألفاظها محلّ شك ، ومثار شبهة ؛ ولذلك تجنّبوا الأخذ عنها ؛ ذلك لأن انعزال القبيلة في بطن الصحراء يصون لغتها عن أي مؤثر خارجي ، واختلاط قبيلة يفسد لغتها ويحرف لسانها (٢).
وقد استشهد ابن مالك وتبعه ناظر الجيش ـ بكل ما ورد عن العرب من نثر فصيح : سواء ما جاء في شكل خطبة أو حكمة وما جاء في صورة نقل عن بعض الأعراب وإن لم يشتهر ؛ فكله فصيح وكله يحتج به ، ولا تكاد تخلو صفحة ـ أو صفحتان ـ من شرح التسهيل لابن مالك أو ناظر الجيش إلا وفيها قول مأثور عن العرب أو حكمة وردت عنهم ، من ذلك قولهم : إن الذود إلى الذود إبل ، وقول عمر رضياللهعنه : لا يمنعنك قضاء قضيته اليوم فراجعت فيه عقلك ، وهديت فيه لرشدك ـ أن ترجع إلى الحق.
__________________
(١) المزهر : (١ / ٢١١).
(٢) وانظر الخصائص (٢ / ٢ ـ ١٢) ، واللغة والنحو (ص ٢٤).