صباح العيد من المشعر إلى منى.
«المغيرات» جمع «مغيرة». والإغارة : الهجوم على العدو ، وقيل إن الكلمة تتضمّن معنى الهجوم بالخيل ، ولكن موارد استعمالها يبيّن أن هذا القيد ـ إن كان موجودا في الأصل ـ فقد حذف بالتدريج.
وما أورده بعضهم من احتمال أن تكون «المغيرات» هي القبائل المهاجمة المتجهة إلى ميدان القتال ، أو المسرعة إلى منى ، فبعيد ، لأن الآية : (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً) هي بالتأكيد وصف للخيل أو الإبل ، لا أصحابها. وهذه الآية استمرار لتلك.
ثمّ تشير الآية التالية إلى سرعة هذه العاديات في هجومها ، وذلك بإثارتها الغبار في كل جانب :
(فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً) (١).
أو أنّ الغبار يثور من كل صوب نتيجة هجوم إبل الحجاج من المشعر الحرام على منى.
«أثرن» من الإثارة ، وهي نشر الغبار والدخان في الجو. وقد تأتي بمعنى الهياج ، أو انتشار أمواج الصوت في الفضاء.
«النقع» هو الغبار ، وأصل الكلمة انغماس الماء أو الانغماس في الماء والانغماس في التراب يشبهه ، ولذلك اتخذ نفس الاسم. و «النقيع» الماء الراكد.
وفي آخر خصائص هذه «المغيرات» تذكر الآية أنّها ظهرت بين الإعداء في الفجر :
(فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً) (٢).
هجومها كان مباغتا خاطفا بحيث استطاعت خلال لحظات أن تشق صفوف
__________________
(١) الضمير في (به) يعود إلى العدو المذكور في (والعاديات ضبحا) فهي باء السببية ، أي بسبب هذا العدو يثور الغبار ويملأ الجو ، واحتمل بعضهم أن يكون مرجع الضمير زمان أو مكان ذلك الهجوم. وتكون الباء عندئذ ظرفية. والصحيح المعنى الأوّل.
(٢) مرجع الضمير في (به) ومعنى الباء هو نفسه الذي ذكرناه في الآية السابقة.