لقيه أصحابه الذين كانوا انهزموا عنه وخلوه فانصرف بهم ، فبات بريدة فلما أصبح أمر بقطع رؤوس المقبلين فقطعت ، ثم أمر بها فحملت إلى صعدة ونجران.
عودة الإمام إلى صنعاء المرة الثانية
ثم انه جمع جموعه وقصد صنعاء ومعه أخوه عبد الله بن الحسين على اثر عودته من الحجاز ، فلما علم آل يعفر وآل طريف بمقدمه تجمعوا من صنعاء وشبام وضهر ، وخرجوا في جيش عظيم لمقاتلته فالتقى الجيشان خارج صنعاء وكانت ملحمة عظيمة ، انهزم فيها آل يعفر ومن معهم ودخل الإمام صنعاء وكان قد أرسل إلى الدّعام يستنجده فتخاذل ولم يجب خوفا من آل يعفر ، وكان دخول الإمام صنعاء يوم الجمعة آخر رجب سنة ٢٨٨ ولم يخسر من جنده سوى نفر واحد وكان أهل صنعاء في خوف شديد لما يتوقعّونه من عقوبة الإمام لما سبق منهم من اخراج عامله علي بن سليمان وما أحدثوه ، فلما دخل صنعاء لم يعاقب أحدا قال في سيرته (١) ، ولما كانت الجمعة الثانية من دخوله صنعاء خرج إلى المسجد ، ووعظ الناس ، ثم قال : أيها النّاس ما نقمتم عليّ إلا ما حكى الله سبحانه عن قوم لوط في قولهم : («أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ)(٢) ، ولكني أقول لكم كما قال عمّي يوسف صلى الله عليه وسلم (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ»)(٣) واستمرت الحرب بين الإمام وآل يعفر وآل طريف سجالا من تاريخ دخوله صنعاء إلى جمادي الآخرة سنة ٢٨٩ تسع وثمانين ومائتين ملئت هذه الفترة بحروب ومعارك قتل فيها عدة من خيار أصحاب الإمام كأبي العتاهية ، وعلي بن سليمان وغيرهم ،
__________________
(١) السيرة ص ٢٢٦.
(٢) الآية ٢٧ سورة النمل.
(٣) الآية ١٢ سورة يوسف ٩٢.