الصليحي في سنة ٤٤٤ أربع وأربعين واربعمائة ، ورغما على ما في كلام الشعر في من التّحقيق ، وذكره لغارة الرّحبة التي كانت في حدود سنة ٤٦٢ اثنتين وستين وأربعمائة فقد تأثر بغلط غيره ، واندفع الى متابعتهم بقوّة الايحاء وفعل المحاكاة فتأمّل.
حصار شهارة وما بعده من الأحداث
لما وجّه المكرم عنايته لحصر شهارة ، أخذ يزجي الجنود ويسوق الجيوش إليها ، ويبذل الأموال الطائلة لرؤساء القبائل الذين كانوا يوالون الاشراف ، ولما أكمل عدّته خرج من صنعاء بجنود جمّة وجموع غفيرة ، وضيق على شهارة الحصار ، من كل جهاتها وبثّ العساكر حواليها من جميع جهاتها ، ومن بها معتصمون بمناعة المعقل الطبيعيّة ، ولم تكلّفهم أعمال الصليحي إلّا حراسة هيّنة مخافة أن يتوقل متوقّل (١) أو يغامر مغامر ، وطالت أيام الحصار ، فلم يثن من عزم المحصورين طول الأمد ولا لانت لهم عريكة ، فاعتزم المكرّم العود إلى صنعاء حاضرة ملكه ، وعهد إلى طائفة من عسكره بمواصلة الحصر حتى يتحقّق المآل ، وفعلا نفّذ هذه الخطة ، وآب إلى صنعاء ، وترك ثلّة من الجند في أرباض شهارة ، واستمر الحال على ذلك خمسة أشهر بعد عزم المكرم ، وبعدها رأى الأمير ذو الشرفين أن المال سيىء ، وأن العاقبة وبيلة ، لما رأى من نفاد ما عنده من المأكول والمشروب ، فعمد إلى محبرته وكتب وصيّته الأخيرة وآل على نفسه أن يبذلها في سبيل قتال الظّالمين ، ثم شحذ عزم أصحابه وحمسهم وانحدر ، وقد وزّع أصحابه طوائف ، وصيّح الجند المحاصر والنوم ملابس لجفونهم فأوقع بهم ، وأثخن فيهم قتلا وغنيمة ، وانقلب الى المعقل بالغنائم الوفيرة ونفائس الأسلاب الطريفة وتناول قلمه وكتب هذه القصيدة :
__________________
(١) توقل الجبل : صعدة.