الناظر فيه من آداب ، وأخلاق وتعاليم وسياسة ، وعرفان بمبادىء الأمور ومصائرها وتطورها. وضاحيها ليلاقي حلقات الوحدة التاريخية برباط وثيق ، وأما نزعة الفخر بالقبيلة والعصبية لها ، فنعرة سادت أيّام الأموية ، وما زالت تنمو وتترعرع ، حتى كان من أمرها ما كان بين عرب الأندلس وخراسان وسورية ، وغيرها من البلدان الاسلامية ، وكان لها شعراء ورؤساء يمثلون هذه النزعة السيئة ، ويثيرون وتري حقدها ويجحمون (١) خامد جمرها.
ونال اليمن حظه من الوجهتين السياسية والأدبية أمّا الناحية الأدبية فظهرت في شعر الهمداني وفخرياته ونشوان بن سعيد الحميري وقصائده والدّامغات ومطولات دعبل ونحو ذلك.
وأما الوجهة السياسية ففي أعمال معن بن زايدة الشيباني ، وعقبة بن سالم أمير البحرين وعمان ، حيث قتل الأول من الحضرميين تعصبّا لقومه من ربيعة ستة عشر الفا وهنّاه شاعره مروان ابن أبي حفصة (٢) بقوله :
وطئت خدود الحضرميين وطأة |
|
بها ما بنوا من عثرة قد تضعضعا |
فأقعوا على الاستاه أقعاء معشر |
|
يرون اتباع الذل اولى وأنفعا |
فجاذبه عقبة بن سالم عامل البحرين بقتل القيسيين تعصّبا (٣) للقحطانيين وكيدا لمعن لما عمله في اليمن وأمثلة ذلك كثيرة.
دخول حسان بن عثمان الحوالي صعدة وقيام الإمام يحيى ابن الناصر وخلاف اخوته وما كان من الأحداث (٤)
لما علم حسان بن عثمان بوفاة الإمام بادر بالنهوض إلى صعدة فخرج
__________________
(١) حجم النار أوقدها والجمر الجاحم الشديد الاشتعال (ص).
(٢) هو مروان بن سليمان بن يحيى ولد سنة ١٠٥ وكان شاعرا عالي الطبقة قدم على معن بن زائدة ومدحه بقصائد عدة توفي سنة ١٨٢.
(٣) راجع ما كتبه الاستاذ المعاصر احمد امين في كتابه ضحى الاسلام.
(٤) سيرة الإمام الناصر.