والطّاعة ، وطلب ولاته وعمّاله ، ومن جملة من راسله أبو جعفر احمد بن قيس بن الضحاك ، وكان رأس همدان وزعيمها ، فأسعد الجميع إلى ما طلبوه ، ووصل إليه أشياخ من بني الدّعام أهل الجوف يسألونه : ان يطأ بلادهم ، فنهض ومعهم في جمادي الأولى من السّنة فأمسى بالمراشي ، ونهض من الغد ، فتلقاه بنو الدعام في جمع كبير ، فأقام ببلدهم ثمانية أيام ، وولى عليهم رجلا حسينيا يقال له : سلمان بن صالح ، وعاد إلى عيان ، وعند نهوضه ، وفد عليه الشريف القاسم بن الحسين الزّيدي الحسني ، وكان محله بالطّائف من بلاد الحجاز ، وفد على الإمام في خيل وركائب من أصحابه وغيرهم من بلد خثعم ، فسار معه فأمسى بخيوان ، ثم سار إلى بلد الربيعة ، فبات في سوق لهم يسمّى الحضن فأصلح بينهم في دماء ونحوها ، ثم سار إلى أثافت وحد بني صريم ، ثم تقدم إلى أعلا غولة عجيب (١) ، فأقبلت إليه القبائل من كل صوب وهم على اتم اهبة وأكمل إستعداد ، فغصّ عجيب بالناس ، وصارت الجبال حول عجيب كقرون عرفة من كثرة من عليها ، وبعد أن حيّاهم الإمام ، سار بين تلك الجموع ، وراياته البيضاء ترفرف عليها كأنها قطع السّحاب ، وكان بين بكيل ووادعه وأهل البون من الأحقاد والثارات ما يتعذر معه الوفاق ، فكان في إجتماعهم بذلك المعسكر الوئام والحب والإخاء :
سحبت على الأحقاد أذيال الهوى |
|
ومشى على الضّغن الواد الماحي |
وجاءته وفود همدان (٢) فأخذ عليهم البيعة وبث ولاته في بلدانها ، وسألته النظر في صنعاء إذا كانت من أجل بلدانهم ، ومدينة اليمن ، وكانت الفوضى قد أضرت بسكانها ، وافترق أهلها إلى فريقين أهل القطيع وأهل السرار (٣) ، وكل فريق يغير ويقتل في الآخر ، فأمر الإمام عليها الشريف
__________________
(١) غولة عجيب جبل في اقصى البون من جهة الشمال الغربي من ريدة بمسافة ٨ ك. م.
(٢) اللآلىء المضيئة.
(٣) حارثان من صنعاء.