رغما على كثرته تخاذل وفشل ، ولم يأت بالثمرة المطلوبة ، من تأديب العصاه واخضاعهم وتوطيد راية الامام بإرغام قبيلة نجران العاتية على سلوك السنن الأقوم والطريقة المثلى ، بل أصبح بالحال كما قيل :
جيوش ما لها في الملك نفع |
|
حكمت صورا تصوّر في الكتاب |
مما اتت قتالهم من غير نيل |
|
كمثل الضّرب في صور الحساب |
ورجع الامام الى صعدة وقد أيس من نيل وطر ، أو ادراك غاية بتلك الجموع المغلولة ، وعزم على ترك نجران ومن بها يعمهون في باطلهم إلّا من أراد الإنضمام طواعية ، ريثما تسعفه الأيام بما يريد من وجود أنصار تقوم بهم الحجة ، ولما رأى الأشراف كثرة إختلاف النّاس على الإمام عادوا أدراجهم قانعين من الغنيمة بالإياب :
الوحشة بين الامام والقاسم الزيدي
وكان الزيدي قد تخلف عن غزو نجران بعد الذي سبق منه ، فاحفظ تخلّفه قلب الإمام عليه ، وعاتبه على ما صدر فأكثر ، وكان أبو جعفر احمد بن قيس بن الضحاك ، يكره ولاية الزّيدي ، وكذلك قبائل مخاليف صنعاء فانتهزوا فرصة إنحراف الإمام عنه وطلبوا منه ان يولّي عليهم إبنه جعفرا ، ونشط كثير من الناس لتوسيع دائرة الخلاف ، وبذر بذور الشقاق بالسّعاية بين الإمام وعامله الزيدي ، فكانت دعوتهم أسرع إلى القلوب من النّار في يابس الهشيم ، فلم يتلعثم الزيدي عن إظهار الخلاف جراهية (١) ، ولبس جلد النمر ، وأغار على مخاليف إبن أبي الفتوح وعاث فيها فسادا وجرت بينه وبين ابن أبي الفتوح مصاولة ومنازلة ، غلب فيها ابن ابي الفتوح ولم يطق المقاومة ، واستغاث بالإمام ، وكان من أنصاره ، فكتب الإمام إلى الزّيدي
__________________
(١) اي ظاهرا بارزا.