وقال الخزرجي (١) نقلا عن صاحب العقد الثمين (٢) إنه لما رجع من الجند الى زبيد أقام بها أياما ثم مرض في المحرم سنة ٥٥٩ ، وتوفي يوم الأحد الثامن عشر من الشهر المذكور وقبر في المشهد مع والده واستقلّ بالأمر بعده أخوه عبد النبي.
وقال الجندي : انه لما هلك علي بن مهدي خلفه إبنه مهدي ، ولما تمهدت له قاعدة الملك غزا البلاد ، فصالحه الدّاعي عمران عن عدن والدّملوة بمال ، فقبله ، ولم يعترضه ولا بلاده ، ثم طلع الجند والمخلاف فقتل في الجند ونواحيها مقتلة عظيمة الخ ... (٣).
أحداث عبد النبي بن علي بن مهدي ، ومقتل الشريف وهاس
ما كادت تخمد نار فتنة مهدي بن علي بعد هلاكه حتى ائتنف النّاس من فتنة أخرى كسابقتها أو أشد فقد استقلّ بالأمر عبد النبي في سنة ٥٥٩ فأغار على أبين (٤) وأحرقها وقتل أهلها ، وما لبث أن عاد إلى زبيد بعد أن عاث وافسد في أبين وجهاتها ، ودخلت سنة ٥٦٠ فيها كان في تهامة مجاعة وقحط عظيم فهدأ عبد النّبي ولم يتحرك حتى إذ أمطرت البلاد وأخصب النّاس ، وأخذت الأرض زخرفها وازينت ، فاجأها ابن مهدي بأحداثه فقصد المخلاف السّليماني ، وكان بينه وبين صاحبه الأمير الكبير الشريف وهاس بن يحيى بن غانم موادعة ومهادنة فختر (٥) وغدر ، وباغت الشريف على غرة ، وليس معه غير عبيده وأهل المدينة وليس له وزر يعتصم به ولا حصن يفزع إليه ، فوقع
__________________
(١) العسجد المسبوك ص ١٣٧.
(٢) لعله نفس الكتاب المسمى السمط الغالي الثمن لابن حاتم وهو من الكتب القيمة طبع في لندن تحقيق الدكتور ركس سميث.
(٣) الخزرجي وأنباء الزمن وقرة العيون (ص).
(٤) أبين : مخلاف مشهور على ساحل البحر الهندي شرقي عدن.
(٥) ختر : غدر والختار الغدار والختر اقبح الغدر.