عامله جبل برط قبل مسيره إلى نجران ، فلما وصل عامله إلى برط ، تمنع عليه بعض أهل برط ومنعوه من صلاة الجمعة ، فكتب بذلك إلى الإمام ، فما كان بأسرع من خروجه إليهم ، ولما وصل أسفل الجبل أرادوا منعه عن توغل الجبل ، فنصحهم ، وحذّرهم فلم يلتفتوا إلى نصحه ، فلم يتمهل أن طلع واستولى عليه ، فبقي به مدّة ، حتى أصلح الفاسد وقوّم المائل ، وأرشد الجاهل فسمعوا له وأطاعوا ، واستعمل عليهم رجلا يقال له عبد العزيز بن مروان ، وذلك لآخر يوم من صفر سنة ٢٨٥ ، وعاد إلى صعدة فأقام بها شهر ربيع الأول وبعض أيام من ربيع الثاني
خلاف أبو دغيش الشهابي
في شهر ربيع الثاني من السنة المذكورة ، ورد على الإمام من عامله بوشحة ، محمد بن عبيد الله كتاب فيه : أن أبا دغيش الشهابي جمع جموعا كثيرة من الرّجال ومنع الصدقة ، وأنه قد اشتبك معه في حرب على ذلك ، فبادر الإمام الهادي بالخروج من صعدة وعسكر بقرية يقال لها البقعة بالقرب من صعدة ، ثم وجّه إلى أبي دغيش رجالا يدعونه إلى الله ، ويسألونه الدخول في الحق والرّجوع إليه ، فأبى ، وتمنع وكان الإمام الهادي عليه السلام ، لا يحارب قوما حتى ينذرهم ويحذرهم ، ويدعوهم إلى الحق فإن رجعوا ، وإلّا قاتلهم متحرّيا العدل في كل أحواله ، مقتفيا سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، وله في ذلك كلمات مأثورة منها قوله : (إن هي إلّا سيرة علي وإلّا فالنار) ولما عرف من أبي دغيش الإصرار ، وعدم الإنقياد وجه أخاه عبد الله بن الحسين في عسكر جرار لتأديب ذلك الثائر (١) :
نادى إلى الحسنى فلما أعرضوا |
|
واستكبروا شرع الرماح فأسمعا |
__________________
(١) انظر هذا في سيرة الهادي ص ٨٦.