وهم قوم لا عادة لهم بالخيل ، وقتالها ، فلما داهمتمهم همدان بخيولها أكثروا فيهم القتل وهزموهم ، وانهزم قائد الحملة أيضا الشّريف وأهل صنعاء إلى صنعاء ولسان حاله تنشد :
واني واياهم كمن نبه القطا |
|
ولو لم ينبّه باتت الطير لا تسرى |
وبعد هذه الهزيمة تداعت همدان للخلاف ، وأعلنت الفساد وعلى رأسها زعيمها السلطان حاتم بن أحمد واجتمعوا إلى الرحبة ، فصمد لهم قوم من جنب ، وانهزمت همدان ، ثم انهم تجمعوا مرة أخرى ، وهاجموا قرية منكل (١) وفتكوا ببعض من فيها ونهبوها ، فأراد أهل صنعاء الانتقام منهم ، وأجمعوا على الخروج لحربهم ، إلى علب ، فنهاهم الإمام لعلمه بعجزهم عن المقاومة ، فلم يقفوا عند نهيه وخرجوا فهزمتهم همدان ، وقتلت منهم ، وسار الشريف علي بن يحيى لاستنفار مذحج على كره من الامام ، فاجتمع له قوم من عنس ، وزبيد ، وجنب ، فلقيهم حاتم بن أحمد بجموعه ، بموضع يقال له رعام (٢) ، فكانت هنالك وقعة عظيمة انهزم فيها أصحاب الشّريف ، وخرج الإمام من صنعاء ، لإنجاد الشريف ، واستخلف على صنعاء السّلطان الخبير بن سلمة الشهابي ورجالا من الأشراف وبني شهاب فأمسى بغيمان ووافته أنباء الهزيمة إليها ، فلم ير بدّا من التقدم إلى ذمار ، ولما علم بعزمه حاتم بن احمد قصد صنعاء فدخلها ، ولم يغير على احد من أصحاب الإمام مخافة العواقب.
حرب القليس وسير الإمام الى الجوف
لما وصل الامام الى ذمار جمع خيلا من جنب نحو ثلثمائة فارس ، وعارضه عبد الله بن يحيى في سبعمائة فارس ممدّا لحاتم بن أحمد ، وكان
__________________
(١) لم نجد هذا الموضع في صفة جزيرة العرب ولا غيرها.
(٢) كسابقه.