حاتم قد جمع من همدان ونهد وسنحان خمسمائة فارس وثلاثة آلاف راجل ، ولما بلغه خبر عبد الله. بن يحيى ومن معه نهض لحرب الإمام ، والتقى الجمعان بموضع يقال له القليس (١) ، وهنالك تدانى الفريقان ، والتقت حلقتا البطان ودامت الحرب من أول النّهار إلى آخره ، ثم حملت خيل حاتم على أصحاب الإمام حملة واحدة فأفترق أصحاب الإمام ثلاث فرق فرقة لحقت بالجند المحارب ، وفرقة لاذت بالجبل فارة ، وفرقة ثبتت معه ، ثم انه حمل بنفسه على الأعداء حتى خالط صفوفهم وفرقهم ذات اليمين وذات الشمال ، وخرج من بينهم ، ولحق بأصحابه الذين لاذوا بالجبل وأنجاه الله منهم وسار نحو الجوف في شهر جمادي الآخرة من السنة وأقام بعمران إلى شهر شوال ، ثم انتقل الى محله بالجبجب ، وأقام فيه إلى أن بلغه أن حاتم بن احمد يريد الخروج لحربه ، إلى تلك الجهة فأغضبه ذلك ، وعزم على أن يقصد حاتم ويحاربه في بلاده وبادر بالنّهوض الى خولان وله في ذلك قصيدة طويلة أولها :
على رسلكم يا أيها الطلقاء |
|
تأنوا ففي خير الامور أناء |
اتسعجلون الشر منا وقبل ذا |
|
جرت نقم حلت بكم وبلاء |
ومنها :
وما منكم إلّا أسير أسرته |
|
وأطلقته فالكل لي أسراء |
ويوم دخلنا درب صنعاء عنوة |
|
وفيه رجال منكم ونساء |
دخلنا وللنسوان من خوف بطشنا |
|
صراخ وللأطفال فيه ضغاء |
ودخلت سنة ٥٤٧ فيها نهض الإمام بجموعه إلى مدع (٢) فأقام فيه شهرين ثم سار إلى جبل مسور ، ومنه إلى يناع ، وكان فيه الشريف علي بن
__________________
(١) من قرى جبل النبي شعيب ناحية بني مطر.
(٢) مدع : لابضم الميم جبل وحصن منيع مطل على مدينة ثلا من الغرب الشمالي.