الإمام ، فأجاب الإمام بكتاب طويل كله تهديد ووعيد ، وزجر وتنديد ، وذيله بقصيدتين حماسيتين ، ولما وصل هذا الكتاب إلى المفسدين أجمع رأيهم على مناجزة العامل ، والقضا عليه ، فبادروا من ساعتهم عقيب قراءة الكتاب بالوثوب عليه إلى قرية الهجر ، وتبادلوا معه القتال إلى الليل ، وكان معه ابن بسطام ، ولما عرف إجتماعهم عليه وامتناع المقاومة بتلك المدرة (١) ، أشار عليه بالانتقال معه إلى حصن (ميناس) وهو في الظاهر معه ولكن هواه مع ابن حميد وبني الحرث ، غير أن ميله لم يظهر جليّا لأبي جعفر إلّا بعد أن صار معه بميناس ، وحين عرف القوم بتحوله إلى ميناس ، انقضّوا عليه كالسّباع الضارية ، فصمد لهم صمود الشوس اللهاميم (٢) ، وبعد قتال عنيف ، قال له ابن بسطام : إني لا آمن عليك هنا ولا آمن على نفسي ، فإن رأيت ان تصير في حمدان ، وأكون لك عينا على بني الحرث ، فذلك رأيي ، وإن رأيت غير ذلك فافعل ، فلم يسعد غير التّحول والإنتقال إلى (وادعة) وأقام فيهم حتى قدم الإمام في رجب من السنة المذكورة ، وكانت قبيلة شاكر وثقيف قد انضمتا إلى وادعة وتحالفوا على نصرته.
وصول الإمام عليه السلام الى نجران
لما وصل الإمام أعلى الوادي لقيه أبو جعفر محمد بن عبيد الله في جماعة من الوادعيين ، فسار إلى الحضر ، وبات به ولما أصبح أتته الأحلاف ومن كان يسكن بنجران من يام يعتذرون من اجتماعهم مع بني الحرث على عامله ، لأنهم استرهبوهم فعذرهم الإمام ، وصفح عنهم ، وأقام ذلك اليوم بالحضن ، ثم سار إلى قرية الهجر ، فكان القتال بينه وبين بني الحرث ، فقتل منهم ثمانية رجال ، واستشهد أربعة من أصحابه فحملهم إلى الحضن ، ودفنهم هنالك ، ثم انتقل إلى قرقر قريبا من الهجر ، وأمر بنهب جميع أسواق
__________________
(١) اي القرية.
(٢) الدهاة.