رجوع رجال الصليحي أغار الشّريف على بني الدعام ، فهدم دربهم ، وأخرب في بلادهم ، ونشط الأشراف للإيقاع بكل من يميل الى المكرم أو يقبل أحدا من رجاله ، ثم ان المكرم نهض من صنعاء إلى ذروة (١) ، ونهض الفاضل الى شوابة واستنفر اخاه ذا الشرفين ، فهرع إلى ورور بمن معه من القبائل ، ثم ان الفاضل نهض إلى ذيبين عملا باشارة بعض أصحابه ، فنهد (٢) إليه المكرم ولما التقى الجمعان انهزم اصحاب الفاضل ، وتركوه ، وتمكن الفاضل من النجاء بنفسه وسار إلى الجوف ، ولما بلغ آل الدّعام هزيمة أصحاب الشريف ، اعترضوهم ، وعاونهم أهل درب الجشرج (٣) فأوقعوا بهم تنكيلا وحاسبوهم على ما كان عندما أغار عليهم الفاضل ، وفتحوا البلاد للمكرّم ، فلبث أيّاما قليلة ، وأمدّهم بمال يستعينون به ، وكان المكرم قد بني في ذروة بناء متينا ، يضاهي بناء السابقين ، وانفق في البناء أموالا وفيرة ، وحفر المناهل الكبيرة ، وشاد البناء تشييدا بديعا وزخرف سقوفه بالذّهب وأقام فيها أياما.
الإمام ابو الفتح الديلمي والشّريف الفاضل ومهاجمة صنعاء
أشرنا سابقا إلى اجتماع الامام أبي الفتح بالشريف الفاضل القاسم بن جعفر في الجوف ، وبعد ما لبثا أيّاما يدعوان الناس إلى مؤازرة أهل البيت النّبوي عليهم السلام ، واخلاص النّصرة لهم نهضا إلى شوابة وقد استجاب لهذه الدعوة بعض قبائل المشرق ، فتفرقت الكلمة ، ولم تتوحّد الغاية ، وافترقا من ورور ولما ودّع الإمام أبو الفتح صاحبه الشّريف الفاضل ، نهد إلى
__________________
(١) ذروة : حصن منيع يطل على ذي بين.
(٢) نهد : بمعنى نهض ومضى.
(٣) موضع هناك انظر صفة جزيرة العربية ص ٢٦٤.