اثافت ، واعتزم هدم مضعتها (١) ، ولما علم الفاضل بهذا الغرم بعث أخاه ليصدّه عنها ، ويردعه فلم يتمكّن الإمام من إنفاذ ما أراده ، وواصل السّير إلى كوكبان ، وحدثت بين رجال الحصن ورجاله مناوشة ، وبينما الحال كذلك إذ بالمكرّم على رأس قوّة هرعت من صنعاء للدّفاع الى كوكبان ، فلما أحس به أصحاب الإمام انهزموا هزيمة منكرة ، وانحدروا من الجبل والسّهام تعمل في اقفيتهم ، وخلص الإمام بنفسه إلى شوابة ، حيث خلف الشّريف الفاضل ، ثم إن المكرم عزم من فوره الى ناحية الجراف (٢) قاصدا الأشراف ، فلم يجد الفاضل دواء يفّل من نشاط المكرّم ، ويغسل آثار تلك الهزيمة من قلوب النّاس إلّا سرعة الحركة من محلّهم والتّقدم إلى صنعاء أو إلى القرب منها لما يعلمه من بعد المكرم عنها ، فأوعز الفاضل إلى الإمام أبي الفتح بأن يقصد مشرق خولان ، يغير بمن معه من تلك البقاع ، وأعرب له أنّه سينهد إلى مشرق همدان ، ويقوم بما عليه هنالك ، فلم يوافق الإمام على هذا وأبى أن يقوم بما أوعز إليه الفاضل فصمّم الفاضل على إنفاذ خطّته وانقضّ إلى ذبيان وواصل السّير إلى رحبه صنعاء ، وكثر الرهج وطارت الأنباء إلى المكرم وعمد من بصنعاء إلى إغلاق أبوابها ، وانقلب الشريف الفاضل وحقائب (٣) أصحابه ببحر من الأموال ممن بيّتهم الجيش على الطّريق ولما بلغ المكرّم نبأ الغارة على صنعاء هرع لا يلوي على شيء مخافة أن تكون صنعاء قد سقطت في أيدي الأشراف فلما علم ان المغيرين (٤) رجعوا عنها ، بقى يفكر في الوسائل التي يجب إتخاذها لتهدية الأحوال ، فلم ير إلّا إيتناف (٥) الحشد ، وتجديد الغرم والاستعداد لمنازلة الأشراف ، واحتلال معقلهم شهارة وقد دهم الشرفي في
__________________
(١) اي قلعتها.
(٢) قرية قديمة في بلادها حاشد على مقربة من خمد في شرقيها وهي عبر جراف صنعاء.
(٣) كذا في الأصل.
(٤) في الأصل المغرين.
(٥) كذا ومن عبارات المتأخرين استئناف كذا وكذا.