وسوق الجيوش ، وتكبّد المشاق ، ثم لا يقف سيل هذه الفتنة ، حتى يجترف عامل الإمام ويقضي عليه القضاء الأخير كما سيمر بك قريبا ولله القائل :
إن الذئاب قد اخضرّت براثنها |
|
وليس يؤمن ذئب مسّه ضرر |
ورب هيجا خير من موادعة |
|
ورب سلم هو السم الذي ذكروا |
وأقام الإمام بنجران وقد ذلّت له الرقاب وتضاءلت له النفوس ، واستأمنت إليه جميع القبائل يام وبني الحرث وغيرهم ، ولم يبق غير ابن حميد كما مرّ ، ثم رجع الإمام إلى صعدة لسبع مضت من ذي القعدة.
نزول الإمام إلى تهامة وعزم ابي القاسم محمد بن الإمام لحرب القرامطة
فيها وصلت الإمام كتب من الغطريف الحكمي (١) وإبراهيم بن علي الحكمي يسألانه المصير إليهما وإنهما سيسلمان إليه ما في أيديهما من مال وعسكر ، ومخلاف وأعطيا على ذلك العهود الغليظة والمواثيق الأكيدة ، فلم
__________________
(١) بنو الحكمي هم سلاطين المخلاف السليماني ونسبهم في الحكم بن سعد العشيرة ، وقد نسب المخلاف إليهم فيقال مخلاف حكم قال القاضي العلامة الحسن بن احمد عاكش الضمدي في كتابه (التاج الخسرواني) : واعلم ان هذا المخلاف من أحسن مخاليف اليمن ونسبته الى السّلطان سليمان بن طرف الحكمي كما ذكره الديبع ، وغيره من المؤرخين ، وقد تسلطن في هذا المخلاف وكان رجلا عظيم الشأن ، ونسبة المخلاف إليه قبل سكون الأشراف فيه كما ذكره الوالد العلامة علي بن محمد النعمان رحمه الله في شرح الصادح والباغم وحدوده من حلي ، الى شرجة حرض ، كما قاله الديبع : وكان استيلاء الاشراف آل موسى الجون على المخلاف السليماني عام ثلاث وتسعين وثلثمائة ، وكان سلاطينه قبل ذلك الحكميين ، وهو مشتمل على أودية عظيمة ، ومحاريث جسيمة ، ومدن وقرى كثيرة ، والساكون فيه من الأشراف أمم كثيرة ، الخواجيون ، والذروات والأمرة وبنو النعمي وبنو المعانا والحوازمة والمهادية ، وقد تفرعوا الى بطون كثيرة ، وفخوذ واسعة وهم معروفون ، وتدريج أنسابهم مدون بأيديهم وأيدي العلماء من أهل جهتهم انتهى ، وتجد الكلام على الأشراف والمخلاف في القسم الذي بعد هذا في حوادث سنة ١٠٤٥ فراجعه.