قال : (لو كان لي مثل رجال الهرابة لدخلت بهم العراق) وقد تسامح مع رجال الهرابة ، فلم يجر على أحد منهم سوء ما عدا الشريف الفاضل فإنه حمله معه إلى صنعاء وجعله في دار خاصة فضيّق عليه الموكّل بحفظه في كل شيء حتى في القوت ، فلما بلغ الصّليحي ذلك نقله دارا أخرى ، وأمر بالترفيه عليه وعدم مضايقته وخصّص له بغلة لركوبه في المراسم الحافلة والأعياد.
عزم الصليحي الى جنوب اليمن ومحاربة آل الكرندي
ودخلت سنة ٤٥٠ في المحرم منها عزم الصّليحي لحرب يعفر بن احمد الكرندي ومنازلته بحصن السوأ (١) وكان لبني الكرندي مخلاف المعافر ومخلاف التعكر ونواحيها ، وآل الكرندي يرجع نسبهم إلى ابيض بن جمال الذي أقطعه النّبي صلى الله وسلم عليه وعلى آله ، جبل الملح ، وقد تقدم ذكر الأبيض بن جمال في الكوائن أيام البعثة.
وقبل مغادرة الصّليحي صنعاء جعل الخيرة للشريف الفاضل بين أن يقيم بدار تعدّله بصنعاء على الرّحب والسعة والإعزاز والإكرام ، وبين ان يلحق بأهله ، وبين ان يرافقه فأختار الثالث وسار معه في هذه السفرة والعناية (٢) واللطف يحفّان به فأقام الصليحي تسعة أشهر في منازلة الكرندي حتى تمكن من القضاء عليه ، ورجع في حافرته (٣) إلى صنعاء عاصمة ملكه ، واتفق ان جاء والد الشريف الفاضل ، وهو الشّريف جعفر بن القاسم ساعيا في صرف ولده ، وتخليصه من اليد الصليحية ، فعرض له المّ أودى بحياته ، وفارق الحياة بصنعاء ، في شهر ذي الحجة من السنة ، وكان رحمه الله يقول : أنا
__________________
(١) عزلة كبيرة من ناحية المواسط واعمال الحجرية.
(٢) هذه مستقاة من سيرة ذي الشرفين واللآلىء المضيئة أيضا (ص).
(٣) يقال رجع في حافرته : اي في طريقه التي جاء منها.