أكثر من أعطى عمرا من أهل بيتي أنا ابن خمس وثمانين سنة ٤٨٥ ثم تمثل بقول النّابغة الذبياني (واني لأرجو فوق ذلك مظهرا)
فأمر له الصليحي بأكفان رفيعة ، وقطع من الكافون وخرج وأعيان دولته لتشييع جنازته ، وأمر بدفنه في مقابرهم بصنعاء ، ثم ان الصليحي حضّ الشريف الفاضل على زيارة اهله وقرابته ، وحثه على ذلك ليؤنسهم بعد ما لحقهم من وفاة والدهم ومعيلهم الأكبر فلحق به بعد أن أجزل له الصّلاة ، وأمر لجميع من تحت يده بالملابس الفاخرة والصّلاة ، وعرض على الشّريف قضاء حوائجه ، وأجرى له نفقة شهرية تجري على الدّوام ، فأقام الشريف بأهله مدّة مشتغلا بالعبادة ، ثم أنه كتب للصّليحي : نريد المدينة وزيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وعزم نحو الحجاز ، وعاد إلى اليمن بعد قتل الصليحي ، كما سيأتي بيانه أن شاء.
وفي انباء الزمن ما لفظه : ودخلت سنة ٤٤٩ فيها سار الصّليحي لقتال آل الكرندي ، وسار الفاضل صحبته حتى وصل زبيد (١) ، ثم عزم على التوجّه للحج فأذن له الصّليحي ، وسار مع أخوه ذو الشرفين محمد بن جعفر في نفر قليل حتى أنتهيا إلى بلاد خثعم بعد مشقات شديدة ، وأهوال عديدة ، ولما استقرّا في بلاد خثعم تزوّجا فيها ، وأقاما مدة ، ثم طلّق الفاضل زوجته ، وسار إلى مكة فمكث فيها سبع سنين ، ثم همّ بالمسير إلى الكوفة فبلغه قتل علي بن محمد الصليحي في المهجم ، كما سيأتي ذكره ، ووردت عليه كتب من اليمن مخبرة بقيام حمزة بن أبي هاشم وان الوصول متحتّم عليه لمناصرته فرجع إلى اليمن (٢).
__________________
(١) قد سبق نقلا عن سيرة ذي الشرفين في حوادث سنة ٤٤٤ ان الصليحي غزا تهامة في ذلك التاريخ وهذا صاحب أنباء الزمن يقول انه دخل زبيد في هذه السنة والخزرجي يقول انه طوى اليمن سهله ووعره إلى آخر ما نقلناه عنه في سنة ٤٢٩ وبعد كل ذلك سيأتي عنهم ما يخالف الرواية الأولى فتأمل (ص).
(٢) انظر غاية الأماني ص ٣٥٢.