طريق البصرة وطريق حضرموت
قال في انبأ الزمن ودخلت سنة ٥٢٤ (١) فيها انقطع الطّريق من اليمن الى البصرة والكوفة عن مرور التجار والقوافل الكبار ، وكانوا يسافرون في كل عام مرّتين على طريق اليمامة والحسأ ، وسبب إنقطاعها ضعف الدّولة العباسية وظهور القرامطة الفساق ، ولم يسلكها بعد ذلك أهل الجهات النجدية برفاقة من ساكني تلك الأطراف ، وكانوا يخرجون من نجران إلى بلاد الدواسر (٢) ثم الى (٣) البديع ثم الى الحسأ في اثني عشر يوما ، وأما طريق الرجل من الجوف إلى البصرة فانقطعت بالمرة وقد يسلكها نادرا جماعة من البدو الإبل المضمرة يجعلون على أيديها وارجلها الأدم لكثرة الحرشات والعقارب الناهشات ، وعلى طريق قريبة يقطعونها الى البصرة ، وكانت عامرة مسلوكة أيام التبابعة ، ومن بعدهم ، إلى أن قيل ان داؤد بن المنصور بالله عبد الله حمزة أخربها وطم آبارها عند عوده من غزوة غزاها خوفا من لحوق أهلها ، وقيل ان الريح عفت آثارها ، وصارت كثيبا من الرّمل ، والله اعلم. ، واما الطريق من اليمن الى حضرموت فمسلوكة من ثلاث جهات ، أحدها طريق شبوه يقطعها المار في ثلاثة أيام من بيحان إلى حضرموت ، والثانية يقطعونها كذلك في ثمانية أيام إلى مأرب ، غير أنهم يحتاجون إلى حمل الماء على المطايا لانقطاعه في أكثرها ، وهي رمال ما بين الجوف وحضرموت ، وسكانها البدو من المعضة (٤) ، والعربان ، ولا يسلكها إلّا المخفّون ، وأما أهل الأثقال فيخافون فيها من عدوان أهلها عليهم ، وإنما يسلكون طريق الساحل من عدن ، ومنهم من يخرج من رداع إلى بني ارض (٥) ثم إلى بلاد العوالقة (٦) ثم
__________________
(١) غاية الأماني ص ٢٩٢.
(٢) المعضّة : بتشديد الضاد المعجمة طائفة من قبائل امتفرقة اهل ما نسبه يتنقلون ما بين الجوف نجران على اطراف الرملة.
(٣) بنو أرض : مناطق البيضاء ما بين رداع وبيحان.
(٢) المعضّة : بتشديد الضاد المعجمة طائفة من قبائل امتفرقة اهل ما نسبه يتنقلون ما بين الجوف نجران على اطراف الرملة.
(٣) بنو أرض : مناطق البيضاء ما بين رداع وبيحان.
(٤) ناحية مشهور من النواحي المجاورة للبيضاء ويافع.