هلاك منصور بن حسن ومقام الشاوري وقتله وما كان من الأحداث
ودخلت سنة ٣٣٢ فيها هلك منصور بن حسن داعية المهدي العبيدي ، ويلقب بمنصور اليمن ، وقد أشرنا إلى نسبه وكيفيّة خروجه في السنة التي خرج فيها ، وكان على جانب من الدهاء والفطنة ميّالا إلى الدّعة محبّا للمسالمة ، استمر على عهده لمولاه لم يطمح إلى ما طمح إليه رفيقه الطاغية ابن فضل ، وفي سبيل المحافظة على العهد والثبات على المبدأ ، اشتبك في حروب مع ابن فضل فحاصره ، ونازله مدة ليست بالقصيرة كما تقدم واستمر على ما بيده من البلاد ، إلى أن مات ، وعهد إلى ابنه الحسن بن منصور ، وإلى رجل من أصحابه يقال له : عبد الله الشاوري كان خصيصا به ، وحضّهما على السمع والطاعة لمولاه المهدي والمحافظة على المذهب ، والدعاية إليه وأمرهما بالكتابة إلى المهدي فيمن يتولى ذلك المنصب فكتب الشاوري وبعث حسن بن منصور بهدية وبالكتاب إلى القيروان وكان المهدي قد عرف الشاوري أيّام منصور ، وكان حسن بن منصور يرجو أن توسّد إليه الرياسة ، فخاب أمله ورجع بخفيّ حنين (١) فإن المهدي امر الشاوري بالاستقلال وبعث إليه بتسع رايات ، فعزم حسن بن منصور على الإنتقام لنفسه ، وأخذ الإمارة نهبا واغتصابا ، وكان الشاوري يجلّ أولاد منصور ، ولا يحتجب عنهم ، فدخل عليه الحسن في بعض غفلاته فقتله ، وقعد على سريره ، وتتبع أصحاب الشاوري وكل من يدين بالقرامطة قتلا وتشريدا ، وأعلن للناس رجوعه عن معتقد ابيه وانخراطه في عداد أهل السنة والجماعة ، فدانت له البلاد ومالت إليه القلوب ، وأحبّه الناس وبسط نفوذه على مسور ولاعة ، وما صاقبها من البلاد ، وكان قتل الشاوري سنة ٣٣٣ كما أشار إليه في أنباء الزمن (٢).
__________________
(١) لهذا المثل قصة وهي ان حنينا كان اسكافيا من أهل الحيرة فساومه اعرابي بخفين فاختلفا حتى اغضبه في قصة طويلة انظرها في مجمع الأمثال ج ١ ص ٢٩٦.
(٢) غاية الأماني ص ٢٢٠.