الإمام على حصنه حصن علاف ، وأمر بقطع أعنابه ، وهدم منازله ، ولما فرغ من أمر ابن عباد تحول بجيشه إلى بلد وائلة ، وكانت قد أحدثت في طريق نجران أحداثا أيام كان الإمام بصنعاء قال مصنف سيرته (١) : فغدا حتى وصل موضعا يقال له كتاف من بلد وائلة ، وكان موضع المحدثين فنهب العسكر ما وجدوا فيه من مال وغيره وقطع أعنابهم وخربها ، ثم تقدم إلى موضع آخر يقال له المطلاع ففعل به كما فعل بكتاف ، ثم أقبلت إليه وائلة بسمعهم وطاعتهم وطلبوا منه الأمان ، فأمنهم ، وضمن بعضهم بعضا ، وأخذ منهم جماعة من المحدثين ، ورجع إلى صعدة.
الخلاف بين آل يعفر وعبيدهم واستقدامهم الإمام وما كان من الأحداث
وفي هذه السنة وقع الخلاف بين آل يعفر وعبيدهم فكتب آل يعفر إلى الإمام يستنجدون به ويستنهضونه فتثاقل لما يعرفه منهم من الغدر وقلة الوفاء بعد التجربة والإختبار (ان المعافى غير مخدوع) وكان الدّعام هو المضطلع بأعباء هذه الوساطة حيث جعله أبناء يعفر الواسطة بينهم وبين الإمام ، وتكررت الكتب منهم فلم يسعفهم الإمام بما راموه ، ولا التفت إلى ما أملوه وكان الدّعام يرغب في نهوض الإمام ولكنه لما عرف تثاقله عزم إليه بنفسه ، ورغبه في الوثوب على صنعاء لملاءمة الظّروف ومواتاة الأحوال ، وقال له قد استوت لك الأمور واستوثقت لك من القوم ، ولم يبق غير النّهوض ، فانخدع الإمام بذلك ، وخرج من صعدة ، وبرفقة الدّعام ، ولسان الحال منه تنشد :
طورا يمان إذا لاقيت ذا يمن |
|
وإن لقيت معديّا فعدنان |
وكأنه وقد أخطأه المجد من طريق المغالبة والمصاولة يريده الآن من
__________________
(١) السيرة ص ٢٤٤.