جهة الانتهاز والاستغلال فطوّح بالإمام على حساب أمله المزعوم ، ولم يبال بما كان.
ولما وصل الإمام إلى خيوان مكث بها مدة وكان بها ابن الضحاك (١) من قبل آل طريف ففر من وجه الإمام ثم إن الإمام أرسل الدعام لأخذ العهود والمواثيق من آل يعفر ، فكتب إليهم الدّعام لملاقاته إلى البون ، ففعلوا وأخذ عليهم العهود والمواثيق ، واتفقوا على الاشتراك في العمل لفتح صنعاء فمضى الإمام مشرق خولان ، حتى نزل ببيت حاضر (٢) ، وخرج لقتاله من صنعاء إبراهيم بن خلف ، ودارت بينهما عدة معارك ، لم يتمكن فيها الإمام من التغلّب على قوّة عدوه ، واستمرت الحال كذلك ، حتى عرف الإمام في جيشه الضّعف ، فانتقل من بيت حاضر ، إلى موضع يقال له مدر (٣) ، وعند ما حطّ رحله بهذه القرية ، استأذنه أصحابه من خولان وهمدان ونجران ، في الانصراف فأذن لهم ، وبقي في عدد قليل فبلغ آل طريف قلة من معه فانتهزوا الفرصة ، وأرادوا القضاء عليه ، ونهضوا لحربه في جموع كثيرة ، ونزلوا بالقرب منه ، فانتقل من مدر إلى موضع يقال له إتوه (٤) ، وأرسل الصّوارخ في همدان تستنفرهم للقتال ، فلم يجبه أحد ، وكان كلما وصلت رسله قرية من قرى همدان نهض أهلها إلى آل طريف وصار واليا عليه وحربا له :
ورها تخذل من يقوم بنصرها |
|
وتظل تنصر دونه الخذ الا |
واذا أهاب بها الهداة رأيتها |
|
تعصي الهداة وتتبع الضلالا |
__________________
(١) هذا أول ذكر لابن الضحاك ولد فيما سيأتي أخبار كثيرة ولم يبن اسمه العلم في سيرة الامام ولا في غيرها (ص). قلت وفي صفة جزيرة العرب تحقيق القاضي العلامة محمد بن علي الأكوع اسم المذكور هو احمد بن محمد بن الضحاك الحاشد ثار على الامام الهادي واسر ابنه محمد. ٣٠ ـ ٣١.
(٢) بيت حاضر قرية أثرية في (وادي الأجبار) وادي التناغم من بلاد سنحان.
(٣) مدينة اثرية في ارحب بالشمال من صنعاء.
(٤) اتوه بكسر الهمزة وسكون التاء جبل وقرية في ارحب بالشمال من صنعاء.