ونظم الأحوال ، وكان قد لفت نظره كثرة ما يملك أهل الذمة (١) من الأراضي والمزارع ، وسعة ثروتهم ، فخشي أن يستفحل أمرهم ، وينتقل ما بأيدي (٢) المسلمين من المزارع والنخيل إليهم ، لثروتهم ، فرأى أن يضع حدّا لهذا ، ولاحظ في ذلك مراعاة حقوق الفقراء والمساكين من أهل البلد ، الذين حرموا بسبب انتقال الأموال من المسلمين إلى الذّميين ، جانبا كبيرا ، من واجبات هذه الأموال كما صرّح به الإمام في كتاب صلحه المشهور (٣) ، مع أهل الذمة بنجران فيما يجب عليهم من الخراج والجزية ، وهو كتاب طويل مشهور صالحهم فيه على التسع فيما يسقى سيحا (٤) ، أو بماء السماء ونصف التسع فيما يسقى بالدّوالي (٥) والخطارات (٦) إلى آخره.
عزم الإمام إلى وشحة ثم إلى برط
مكث الإمام بنجران إلى شهر رمضان من تلك السنة ثم رجع إلى صعدة واستخلف على نجران أحمد بن محمد بن عبيد الله العلوي من ولد العباس بن علي بن أبي طالب عليه السلام ، فلم يلبث بصعدة إلّا قليلا ، وعزم إلى وشحة (٧) فأصلحها ، وضبط أمورها ، وخلف بها محمد بن عبيد الله العلوي ، وعاد إلى صعدة ، ومنها عزم لإصلاح أحوال أهل برط (٨) ، وكان قد أرسل
__________________
(١) لم يبين كاتب سيرة الإمام الهادي ديانة من بنجران من أهل الذمة الذين صالحهم الإمام وكذلك صاحب انباء الزمن وغيره من المؤرخين وقد وجدنا في سيرة الامام القاسم العباني انهم نصارى وسيأتي ايضاح ذلك (ص).
(٢) في الأصل مأبدى.
(٣) انظر نص الصلح في سيرة الهادي ص ٧٣.
(٤) سيحا : من ساح الماء اذا جرى على وجه الأرض.
(٥) جمع دلو وهو معروف.
(٦) انظر سيرة الهادي ص ٧٦.
(٧) وشحه : بلده في اعلى جبل حجور وهي مركز ناحية مربوطة بلواء حجة.
(٨) جبل مشهور في الشرق الشمالي من صنعاء لمسافة ٢٣٢ ك. م (المقحفي : معجم المدن اليمنية ص ٤٨).