لهم في كل وقت فيجعل للشتاء الصّوف ونحوه ولغير الشتاء ، ما يوافقه ، ويقول لكل زمان لباسا ، وكان يكسو الرجال والنساء والصبيان. وكان كثير الاهتمام بأهل الذّمة والعناية بهم. فكان يقول لهم : من آذاكم فأعلموني به ، ومن اطلع على محرمكم أو تعرض لكم احللت به ما أحل بمن نكث عهد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم انتهى.
وكان عليه السلام صدوقا ، لا يعرف شيئا من دهاء الساسة ومكرهم ولذلك اشتدت عليه المحن وتنوّعت الرزايا ، وأمّا صرامته في الحق وزهده وورعه فقد قدّمنا لك أمثلة منها وحسبك ما مرّ.
وفي الزحيف (١) ما لفظه : قال علماؤنا انه لما قرّر قواعد المذهب الشريف والدين الحنيف ، وقد كان في اليمن مذاهب مختلفة قرامطة وأباضية قوم من الخوارج ، وجبرية فاستأصل الله بحميد سعيه أكثر أهل تلك المذاهب الرديّة ، وأظهر مذهب العترة الزكية فامتلأت اليمن عدلا وتوحيدا وارشادا وتسديدا. انتهى.
قيام الإمام المرتضى محمد بن يحيى عليه السلام
بويع بالخلافة بوصيّة من الإمام الهادي في المحرم سنة ٢٩٩ وكان كثير العلم والعبادة زاهدا ورعا فكاتب العمّال يأمرهم بالتحرّي على العدل وحسن السيرة واشتغل بحرب القرامطة ، إلى شهر ذي القعدة من تلك السنة.
ثم انه جمع الجند وأعيان الناس وعاب عليهم أشياء انكرها وخطب فيهم خطبة بليغة ، وتخلّى عن الإمامة ورفع عماله من خولان وهمدان ونجران ، ولزم منزلة ، وأقام بعض بني عمه للنظر بين النّاس واستمرت الحال على ذلك إلى أن قدم أخوه احمد بن الهادي من الحجاز آخر ذي الحجة سنة ٣٠٠ فأقام مع
__________________
(١) يعني به كتاب مآثر الأسرار في تفصيل مجملات جواهر الأخبار شرح بسامة ابن الوزير تأليف العلامة محمد بن علي به يونس الزحيف المتوفي سنة ٩١٦.