العشائر الثائرة هو الصّواب ، وقد خسر بهذا الرأي ، ثقة من بقي على نصرته لأن هواهم كان في مناجزة الصّليحيين ، ومقاومتهم ، وترك العشائر الثائرة ، ولما وصل مسور ، وأزمع على الخروج منه لتأديب العشائر واستوثق من بني المنتاب على حفظ حريمه واحترام شيعته وانصاره ، ولكنه ما سار إلّا قليلا حتى احاطت بهم العشائر وسدّوا امامهم الطّرق ، ولم يخلصوا إلّا بعد معارك سقط فيها عدّة من أصحابه ، وأخذوا كثيرا من متاعه أثقاله وكلّما تقدّم الشريف الفاضل تألبت عليه وعلى من معه القبائل تقتل وتسل وقد دافع ومن معه دفاع الأبطال وخسروا خسارة فادحة ، من الرّجال والأموال حتى أنتهوا الى أقر (١).
وبعد هذه الحوادث المظلمة اتفق رأي الشريف الفاضل ، وذو الشرفين ، على إثارة الحروب في البون ومواصلة الإغارة في جوانبه ، ثم افترقا على غير نتيجة.
ثم ان الأمير ذا الشّرفين هرع من شهارة إلى شظب ونواحيه باستدعاء من الأهالي ، وبعد ما استوثق منهم ، برهائن ، ورغم كل ذلك فقد كانت النهاية تمرد أهالي شظب ، ومن بجوارهم ، ولم تصف منهم المودة ، ثم ان الشريف الفاضل وأخاه أتّجها وصعدا ذروة وحصناها تحصينا نافعا ، ثم تلاشت الأمور وتخلّى الأشراف من متاعب الرّياسة ، وانكمش الكل بشهارة ، وترك المعاقل والجحافل ، إلى أن كان ما سيمر بك الآن وفيه النهاية.
مصرع الشريف الفاضل
ودخلت سنة ٤٦٨ فيها أزمع الشّريف الفاضل على إحياء الأرض واستثمارها ، والتخلّي عن الزعامة وآصارها ، وعزفت نفسه الحروب وملابسة الخطوب ، لكثرة ما قاسى في ذلك من نصب ولغوب ، فمال إلى الزّراعة ،
__________________
(١) أقر : واد مشهور شرقي شهارة في بلاد حاشد.