إمامهم يخرج منه ويقيمون على باب ذلك البيت فرسا بسرج ولجام ويقولون للطغام هذه الفرس لركاب المهدي يركبه متى ظهر ، وإنما غرضهم بذلك خدع وتعليل وتوصّل إلى المملكة وتضليل ، ومن أعجب ما سمعت أن بعض رؤساء القرامطة في الدّهر القديم ، لما حضرته المنيّة جمع أصحابه ، وجعل يقول لهم لما أحسّ بالموت (إني قد عزمت على النقلة ، وقد بعثت موسى وعيسى ومحمدا ، ولا بد لي أن أبعث غير هؤلاء : فعليه اللعنة لقد كفر أعظم الكفر في الساعة التي يؤمن فيها الكافر ، ويؤوب إلى آخرته المسافر) انتهى.
والذي يمكن الجزم به أن هذه الطائفة المتذبذبة الملحدة توافق الإسماعيلية في المبدأ والغاية ، مبدأ التّشيع والدعوة إلى الامام المزعوم ، والغاية التغلب والاستيلاء على الملك والكيد للدّول الاسلامية ، ولذلك تصافحوا أول الأمر ، واتفقوا على الكيد والغدر وتنابذوا في النهاية على الملك والفساد في الأرض ، والله لا يصلح عمل المفسدين.
اليمن وحظّه من الدعايات الثلاث منصور اليمن وابن خليع علي بن فضل
عرف أهل اليمن من قديم الزمان بالحبّ لأهل البيت النّبوي عليهم السلام ، وعلى الخصوص قبيلة همدان المشهورة بما كان لها يوم صفّين مع الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ولم تزل رجالات همدان تتقرب من الإمام علي كرم الله وجهه بمناصرته ، ولزوم جماعته حتى أثنى عليها بقوله :
ولو كنت بوابا على باب جنة |
|
لقلت لهمدان ادخلوا بسلام (١) |
وفي هذا البيت من عاطفة الحب والإحترام ما لا يفتقر إلى مزيد بيان ، ولما قتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان ، وكان ما كان من المحن والرزايا ،
__________________
(١) هذا البيت من قصيدة طويلة لأمير المؤمنين علي عليه السلام تقدمت بكمالها في القسم الأول من هذا التاريخ في الكلام على همدان.