من التقريع والتنديد ، وطلب من همدان الجوار والحمايد من غوائل الأعداء ، والحفظ والمتعة إلى أن يتسنّى له الخروج من بينهم ، والتحول عن أرضهم ، ولم يهمل الدّاعي يوسف بل كتب اليه وعاتبه ولاطفه ولقبه بالإمام ، وذكره بسالف العهد ، فأجاب عليه الدّاعي يوسف بكتاب جارح اطال فيه العتب والملام (١) (ورب ملوم لا ذنب له : ومظلوم خيّب الدهر أمله)
خروج الامام القاسم من صنعاء وانتشار دعاية الزيدي
لما تحقق الإمام اضطراب أمر الجهة الشّمالية بادر بالخروج من صنعاء ، وأقام بريدة ، لتدبير أمر بقيّة البلاد ، فوصل اليه رجل من بكيل بكتاب من الزّيدي أرسله إلى البكيلي ، وإلى أصحابه وفيه شكوى حارّة من الإمام ، وانه غدر به ، ورجع عن امر الله ووالى أعداء الله ، واختار ابن أبي الفتوح عليه وركن إلى الظلمة وسألهم النصرة على الإمام والمعذرة له في المخالفة عليه ، ووعدهم ومنّاهم ، ولم يقتصر على بكيل وحدها ، بل أذاع هذه الرسائل بين كافة القبائل ونشر دعايته في عرض البلاد وطولها ، فاضطر الامام الى الرد على دعاية الزيدي ، والإشتغال بالمعارك القلمية ، وسرد الأدلّة والبراهين على خطأ الزيدي وغيره من المشاغبين ، ولكن الزّيدي لم يقف عند تلك الغاية ، وانما جنح إليها لتخدير العقول شأن الصائد الماهر (لا يحكم اشباكه الا اذا عكّر صفو الغدير).
وذلك لئلّا تثور عليه رجالات اليمن لمجاذبته الإمام ، فقد هجم على صنعاء ، وأسر الأمير جعفر بن الامام وحبسه في قلعة بني شهاب وحبس معه عامل القلعة من قبل الإمام.
__________________
(١) انظر هذه الرسائل في اللآلى المضيئة.