ولما عزم ابن فضل على قصد تهامة نهاه منصور بن حسن وقال له : الرأي ان تقف بصنعاء وانا بشبام سنة ، حتى نصلح البلاد التي استفتحناها ، وتتمكن فيها اليد ، فلم يسعد ابن فضل ، وسار في ثلاثين ألفا وجعل طريقه على بلاد المغارب ، ولما توسط مضايق البلاد ثارت عليه القبائل ، ولزموا الطّرق ، فلم يقدر على التخلص فانجده منصور وخلصه من أيدي الثائرين فسار ابن فضل لطيته (١) وكان مروره على ملحان ومنه توجه إلى المهجم ، فقتل صاحبها ، ثم سار إلى الكدرا ، فأخذها ، وتقدم إلى زبيد ففر منه اسحق بن ابراهيم بن زياد فنال منه ابن فضل ما يريد ، وملك زبيد ، وقتل من أهلها وسبأ من نسائها أربعة آلاف عذراء ، ثم خرج منها راجعا إلى المذيخرة ، ولما وصل بعض الطريق قال لأصحابه ان هؤلاء النساء شغلنكم عن الجهاد ، ونساء الحصيب فتنة فاذبحوا ما في أيديكم منهم فذبحوهن في ساعة واحدة ، فسمى ذلك الموضع الذي ذبحن فيه المشاحيط ، ولعمري ان القلم ليتعثّر خجلا من تسطير تهافت هذا الطاغية واستهتاره لو لا أنها حقائق تاريخية ، وكيفما كان فإن ذلك لا يمنعنا من إرسال اللّعنات على مرتكب تلك المخازي والمقت العظيم ، لتلك الدعاية التي عبدت الطرق لملحد مستهتر يستبيح المدن ومن فيها ويقتل أربعة آلاف عذراء في ساعة واحدة لا قوة إلّا بالله.
أحوال صنعاء بعد عزم الطاغية عنها ورجوع الإمام الهادي إليها
في هذا العام بعد رحيل ابن فضل عن صنعاء وثب بها ابن كبالة (٢) فاستولى عليها وقتل من بها من فلول القرامطة وكتب بذلك إلى الدعام لينجده
__________________
(١) كذا في الأصل وفي العسجد ص ٤٠ صنعاء.
(٢) الحسن بن كبالة من موالي آل يعفر (ص) وفي العسجد كالة وفي سيرة الهادي ابن كيالة بالياء المثناة.