صنعاء لم يحسن فيها صنعا أظهر مذهبه الخبيث ، ودينه المشؤوم وارتكب محظورات الشرع وادعى النبوءة (١) ورقا منبر جامع صنعاء وخطب خطبة منكرة صرّح فيها بعقيدته الكفرية ، وحمل عليها من تابعه من تلك الفرقة الغوية ، وقد ذكر هذه الخطبة كثير من المؤرخين ، وإنما تركناها تنزيها لكتابنا عن كلام هذا المارق اللّعين ، وإن كانت شاهدة عليه بالكفر الصّريح ، غير أن في أعماله ما يغني عن التصريح ضاعف الله له العذاب ، في يوم الجزاء والحساب ، فإنه هدم أركان الاسلام ، وبالغ في دحض الشرائع الواردة عن سيد الأنام صلى الله عليه وعلى آله الكرام ، وأباح لتابعيه الخمور ، وإتيان الذكور ، وارتكاب المحرّمات من نكاح البنات والأمّهات ، وأسقط حج بيت الله الحرام ، ومن قبيح فعله أنه اتّخذ جامع صنعاء إصطبلا للخيل بعد تلاوة القرآن فيه بالنهار والليل (٢).
ولما علم منصور بن حسن بدخول الطاغية صنعاء تجهّز بالمسير إليه من مسور ، وحين اجتمع به لامه على ما فعل بصنعاء وأقاما اياما وابن فضل يعظم منصورا ويبجله ويقول : انما أنا سيف من سيوفك ، ويوهم أصحابه ان منصور بن حسن من جملة أتباعه ، وكان منصور يهاب ابن فضل لجرأته وفتكه ، فكان كل واحد منهما يضمر الشر للآخر ، ويتربص به ولسان الحال تنشدهما :
شقيان في خلق واحد |
|
تؤلف بينهما الزندقة |
كشقّي مقص تجمعتا |
|
على غير شيء سوى التفرقة |
__________________
(١) يستفاد من هذه الرواية ان خطبة الطاغية الاباحية كانت بجامع صنعاء الجندي يذكر انها كانت بجامع الجند ، ولا مانع من تكررها غير أن الظروف التي يمكن أن تقع فيها هي بصنعاء أقرب حيث قد اتسع نفوذه وتمكن سلطانه ، وسيأتي بعد هذا انه جعل الحج إلى الجرف والعمرة إلى التالبي ، وهما موضعان بالقرب من المذيخرة.
(٢) انظر العسجد ص ٣٩.