والمدن المذكورة في السنة التي ماتت فيها السيدة الصليحية.
اجتماع الأشراف ومبايعتهم الإمام المتوكل على الله
ودخلت سنة ٥٤٥ فيها اجتمعت الأشراف في مدر من بلاد حاشد ، للنظر فيمن يصلح للإمامة والقيام بأعباء الأمة ، وكان هذا الاجتماع العظيم مؤلّفا من كافة الاشراف العلويين ، فكان مجموعهم ينوف على الألف ، وحضر معهم من كبار الشّيعة وعلمائهم من يهمهم ذلك الأمر ، ولما كمل نظام عقدهم ، أفاضوا في البحث والتّنقيب عمّن يصلح منهم لمنصب الامامة والقيام بأمر الجهاد ، وبعد إمعان في التّفكير ، قرروا أن الإمام المتوكل أحمد بن سليمان قد سبقهم في التّقدم إلى الجهاد ، وبذّهم في القدرة على حلّ المشكلات ، وإخماد نيران الفساد ، فهو بها أولى ، فأجمع رأيهم على متابعته ولزوم جماعته واختاروا منهم ثلثمائة رجل للوفادة عليه ، وإبلاغه القرار المجمع عليه ، فسار الوفد إلى حضرة الإمام الى الحجب ، ولما وصلوا إليه سرّ بهم وأكرمهم ، ثم انهم عرضوا عليه قرار ذلك المؤتمر ، فرفض قبول الأمر ، واعتذر لهم بما لقيه منهم من الإعراض والجفوة عند ما كان يدعوهم في الأزمات التي لقيها من السنين الماضية ، فقالوا له : قد كنت تدعونا فلم نجبك فكانت لك الحجة علينا ، واليوم قد صارت لنا الحجة عليك ، وقد ألقينا مقاليدها اليك فقال : تالله لا كانت لكم الحجة عليّ ، وبادر بالنّهوض إلى الجوف ، وفي أثناء مسيره ، وصله كتاب من أخيه عبد الله بن سليمان من حوث يقول فيه انه قد فشا الفساد ، وفاضت الموبقات وركب الناس رؤوسهم في المنكرات ، واسترسلوا إلى الشّهوات بحيث لو أراد إصلاح قرية واحدة لتعذر عليه إصلاحها ، ولو جمع ما في قرية واحدة من قرى الظاهر من الخمر لسال إلى موضع بعيد ، ونبأ على تمكن الرذائل في النفوس ، فهو ينصح له بالرجوع من حيث أتى فلم يتأثّر الإمام بما في كتاب أخيه ، وقال : لا يلزمني أن أرجع لأجل كتاب ، بل أتقدّم إلى أوّل قرية فإن نزّهتها عن المنكرات