قال : هما في هذا المكان ، فاخرجهما نجاح ، وجهزهما ، وصلّى عليهما وجعل مرجان وجثة نفيس المقتول موضعهما ، وعمر عليهما ذلك الجدار حتى ختمه جزاء وفاقا :
ونابش الموتى له ساعة |
|
تأخذه انبش من نبشه |
وتم لنجاح ملك البلاد من التاريخ المذكور ، وركب بالمظلّة وضرب الدراهم باسمه ، وكاتب خليفة بغداد ، وبذل له الطاعة ونعت بالمؤيد نصير الدين ، وضبط أمر التهائم ، وخوطب بالملك واستمر كذلك ، حتى سمّه علي بن محمد الصليحي ، على يد جارية أهداها إليه كما سيأتي ان شاء الله تعالى وفي أيام نجاح انتقضت معظم البلاد التي كانت خاضعة للحسين بن سلامة ، وتغلب كل رئيس على ما تحت يده.
ذكر عمال بني العباس على اليمن
لما كانت أخبار بني زياد غير مرتبة على السنين اضطررنا إلى سرد اخبارهم على ذلك الأسلوب ، وخالفنا المنهاج الذي رسمناه لأنفسنا في كتابة هذا التاريخ ، وها نحن نعود إلى خطتنا الأولى والله ولي التوفيق.
قال الخزرجي وغيره : ودخلت سنة ٢٠٦ فيها عزل الافريقي (١) عن اليمن بنعيم بن الوضاح الأزدي ، والمظفر بن يحيى الكندي اشتركا في العمل ، وقدما صنعاء في صفر من السنة المذكورة ، وسار المظفر إلى الجند ، وأقام بها مدة يجبي مخاليفها (٢) ثم رجع إلى صنعاء ومات بها بعد أيام من رجوعه وصار الأمر جميعه لنعيم بن الوضاح ، إلى أن عزل بمحمد بن عبد الله بن محرز مولى المأمون ، فقدم اليمن سنة ٢٠٨ وأمر ابنا له يقال له ابو
__________________
(١) هو من بني شهاب واسمه ابراهيم (ص).
(٢) نزول عامل خليفة بغداد لجباية الجند يدل على ان ابن زياد كان عاملا على زبيد وما والاها وهو الذي يقال انه ملك اليمن بأسره وزاد عمارة الحجاز بأسره (ص).