ومكث بها أياما ، ثم خرج منها غرة ذي القعدة من السنة الى موضع كانت بنو الحرث قد تحصّنت فيه بجبل يقال له اللواء فنازلهم الإمام وضايقهم حتى أجلاهم ، ثم تحول إلى حصن لبني الحرث يقال له بلاد حطّ بالقرب منه فأمر بهدمه وإحراقه ، وجعل يتتبع بني الحرث في السّهل والجبل ، ولما رأى ذلك ابن بسطام خاف الهلاك عليهم فصار الى ميناس ، وأرسل الى ابن حميد يأمره بالتغيّب ، فصار ابن حميد يصرخ بالناس في ارض زبيد ونهد ، وأرسل الى الجوف فلم يجبه أحد.
مقتل ابن بسطام
لما رأى ابن بسطام ما حل من الخذلان بني الحرث أتى إلى الإمام يستأمنه لجماعة منهم ، فأمنهم الإمام ، وما زال يستأمن بني الحرث قبيلة قبيلة ، والإمام يؤمنهم ، وكانت بين ابن بسطام وبين يام والأحلاف تراث وذحول فساءها نفوذ ابن بسطام ووجاهته عند الامام ، ودبّرت حيلة لاغتياله وقتلوه بقرية الهجر ولما علم الامام جمع الجنود وعزم على غزوهم للأخذ بثأر ابن بسطام ، فأرسلوا إليه وطلبوا منه التروي ، وقالوا انهم قتلوه بمن قتل منهم وكان ابن بسطام قد قتل ستة من الياميين والأحلاف ، فتوقف الإمام عن تأديبهم ومعاقبتهم لهذه الشبهة ، فاجتمعت بنو الحرث بميناس ، وزعموا ان ابن بسطام قتل بأمر الإمام وارادته ، وانه المطلوب به قبل غيره فأنكر الإمام هذه التهمة وتبرأ منها ، وحلف لبني الحرث وغيرهم ، فأقتنع البعض ، وتشكك آخرون ، ثم انه أخذ جماعة من يام والأحلاف ، وحبسهم وأمر عامله أن يتولّى حسم المادة بينهم ، ورجع إلى صعدة ، وقد كان أبو جعفر قبل قتل ابن بسطام ، طلب من الإمام أن يعفيه عن ولاية نجران ، لما يعلمه من غدرهم ومكرهم وتلوّنهم وصعوبة مقادتهم ، وانهم وان وضعوا السلاح عند الغلب ، لا يضعون الانتقام عند سنوح الفرصة ، فقال له الإمام : لا نحب أن نحمل عليك امرا تكرهه ، فاستخر الله في أمرك وانا نرجو ان لا تخالف ما أمرناك به إن شاء