وفي أول يوم من شهر رجب من السنة ، تحرك جند آل طريف ، وقصد الإمام إلى موضعه بالقرية المذكورة فلم يجبن الإمام عن عدوه ولا بالى بقوة عدوه ، وقلة عدده ، وعدده ، بل كان أملك ما يكون لنفسه وأضبط لشعوره ثبت في جماعة قليلة من الطبريين والعلويّين ، كأنهم حقيقة بين أغلاط لا ترهبهم الأهوال في مواقف القتال ، فكافحوا كفاح الأبطال ، وصبروا لعدوهم وقد أحاط بهم إحاطة السوار بالمعصم :
لقي الرجل الحادثات بصبرهم |
|
حتى انجلت غمم لها وغبار |
لانوالها في شدّة وصلابة |
|
لين الحديد مشت عليه النار |
وما زالوا يقاتلون حتى قتل أكثرهم ، وأسر محمد بن الامام (١) بعد أن أصيب بجراحات سقط منها عن فرسه مغشيّا عليه ، فلحقه القوم ، وكان فيهم ابن الضحاك الخيواني ، فحال بين القوم وبين إصابته ، ومضوا به إلى ابن خلف ، ومعه جماعة من أصحابه ، وخرج الإمام من هذه المعمعة في نفر يسير ، وسار حتى نزل بورور ، وقد كان لما (التقت حلقتا البطان) و (وقعت بقرّ) (٢) أرسل ابنه أحمد إلى الدّعام يسأله المصير إليه فيمن معه ، فكره الدّعام ذلك ، وتثاقل ، وكان من ردّه عليه أن قل لأبيك ينجو بنفسه ، فليس هذا وقت قتال :
ولم يزل الإمام يكرر استصراخ همدان ويجيل قداح الرّجاء في تلك الأنحاء علّه أن يجد المطلوب ، لاستئناف المقارعة ، حتى يحكم الله بينه وبين عدوّه ، فلم يظفر بما يريد (إذا عظم المطلوب قلّ المساعد) فقد صمّت
__________________
(١) انظر خبر اسر المذكور في سيرة الهادي ص ٢٤٩ ط سهيل زكار وعنه يلخص المؤلف الحوادث هنا.
(٢) يقال حبابت بقراي نزل الأمر بقرارة وصابت من الصوب وهو النزول ويروى وقعت بقر مثل بضرب للشدة وكذلك ما قبله.