إلى بلاد عبد الواحد (١) ثم الى بلاد هينين (٢) ، ثم إلى حضرموت في عشرين يوما تقريبا والله اعلم ، أنتهى ما اورده صاحب انباء الزمن (٣) ، وقد نقلنا عنه هذه الجملة التأريخية الجغرافية بالحرف الواحد والعهدة عليه ، وسيأتي ما يدل على إن المواصلة بين اليمن وبغداد عن طريق البصرة والجوف وأرض الحشرات والعقارب الناهشات ، كانت مستمرة ، يقطعها الواحد والجماعة ، فمن ذلك إرسال الملك المظفر الرّسولي سفيره إلى بغداد عن طريق براقش (٤) سنة ٦٥٠ لطلب تشريف سلطته على اليمن من هنالك ، والمرة الثانية عند ما قتل الإمام أحمد بن يحيى سنة ٦٥٦ أزعج (٥) المظفر رسوله إلى بغداد بذلك النّبأ ولما وصل حامل تلك الرسالة الى براقش في جوف اليمن متوجّها إلى البصرة ، لقي الخبر عن بغداد وسقوطها في أيدي التتر ، ومحو الخلافة والخليفة ، كل هذه الحوادث تشير إلى أن الطريق ما زالت تسلك وانها لم تنقطع بالمرّة.
وأما طريق حضرموت فقد استوفينا الكلام عنها في ايام الإمام المتوكل على الله إسماعيل في القسم الثالث من هذا التاريخ فليرجع اليه من شاء.
ودخلت سنة ٥٢٧ فيها مات هشام بن القبيب الهمداني ، وانفرد بالأمر اخوه حماس فقويت شكوته وعظمت ولايته ، وفي أيامه جاءه صارخ من يام يشكو إستطالة اهل نجران (٦) عليهم فغراء نجران واثخن بني الحرث ومن
__________________
(١) المعروفة الآن بالواحدي كانت من أهم قبائل النواحي التوسع وهم جيران العوالق شرفا بشمال وعاصمة بلادهم حبان.
(٢) من مدن حضرموت.
(٣) انظرها بنصها ايضا في غاية الأماني ص ٢٩٢ ـ ٢٩٣.
(٤) براقش : تقع بالجهة الجنوبية من معين ضمن وادي الجوف.
(٥) ازعجه في اللغة بمعنى أقلقه وطرده من مكانه.
(٦) نزهة الأخبار (ص) كذا يسميه المؤلف وفي المخطوط من الكتاب بعنوان نزهة الأفكار وهو ـ للداعي ادريس بن الحسن المتوفي سنة ٨٧٢ وقد يخلط بينه وبين اصله عيون الأخبار للمؤلف والأخير طبعت منه أجزاء رديئة تحقيق الى الغاية.