يأمره بالكف عن ابن ابي الفتوح ، ويعاتبه ، فلم ينزجر الزّيدي ، وجعل يواصل خطواته ، ويجدّ في تخريب الحصول وتدمير الزروع ، وبسط يده على مخلاف الهان ، ومخلاف ذي جرّة (١) ، وهدم حصن نعظ (٢) ، وهو لإبن ابي الفتوح ، وعظمت ولايته عند أهل اليمن ، وانكمش الإمام بمخلاف همدان ، وأمسك عن أمره ونهيه مظهرا العتب على الزيدي ، غير راض عن أعماله ، ثم ان الزيدي رجع إلى طاعة الإمام والتمس منه العفو ، واعتذر عما كان ، وطلب من الإمام الدّخول معه صنعاء فقبل الإمام عذره ، ورافقه إلى صنعاء ، ودخلها في المحرم سنة ٣٩١ ، وأمر الزيدي بإرجاع مخاليف أسعد بن ابي الفتوح ، وقرّر الأمور بين أسعد وبين الزيدي ، ورجع إلى صعدة من طريق الجوف ، وفي الخزرجي (٣) وأنباء الزمن (٤) : ان همدان قصدت الامام في هذا العام إلى ورور ، وسألوه النفقة ، فكتب لهم الى عامله بصنعاء فلم يجدوا عنده ما يقوم بكفايتهم ، فساروا إلى ابن أبي الفتوح وابن أبي حاشد ، فحلفوا لهما وادخلوهما صنعاء ، وخرج ولاة الإمام منها ، ولما علم الزيدي بذلك ، أقبل من ذمار بجموعه ، حتى وصل بير الخولاني (٥) فقطع ما كان بها من أعناب إبن أبي الفتوح ، وسار إلى نفط فأخربها ، وخرج ابن ابي حاشد من صنعاء وعاد ابن أبي الصّباح نائب الإمام ، وكانت الأنباء قد أسلمت إبن أبي الفتوح وتأخّرت عن نصرته ، فلما رأى ذلك طرح نفسه على رؤوس القبائل ، وعلى الشريف الزّيدي ، فقبله على ان يكون مخلاف خولان من تحت يد الزّيدي ، وحمل ابن ابي الفتوح إلى الزيدي خمسة وسبعين ألف درهم ، ودخل الزّيدي صنعاء ووقعت منه مخالفة لأوامر الإمام ، ثم طلب من الإمام
__________________
(١) هو الاسم القديم لبلاد سنحان وبلاد الروس واليمانيين من خولان العالية.
(٢) فقرية من عزلة الربع الشرقي في ناحية سنحان تقع في صفح جبل كنن من غربيه.
(٣) العسجد ص ٥٠.
(٤) غاية الأماني ص ٢٣١.
(٥) قرية قريبة من بلاد الروس ذكرها الوادعي في ارجوزته.