فهزمه ، وتحصّن منه في حصن هناك ، فانفذ إليه الحسني طبيبا بمبضغ مسموم ، ففصده به فقتله انتهى.
ولقد غلط ابن القارح كما ترى ، فظن الحسني ملك صنعاء وانه لمّا عجز عن القرمطي دسّ إليه السّم بواسطة الطّبيب ، ولما كانت هذه الرسالة قد طبعت ونشرت ، وهي مشهورة اضطررنا إلى الإشارة إليها صونا للحقيقة التأريخية من التشويه.
وقال الأستاذ المعاصر عبد الله بن علي القصيمي في كتابه «الصراع بين الاسلام والوثنية» : ان هلاك الطاغية المذكور كان بصنعاء والصحيح ما قدمناه.
استئصال القرامطة وخراب المذيخرة
لما هلك الطاغية وبلغ أسعد بن أبي يعفر بادر بالنّهوض من صنعاء وجمع الجموع لاستئصال شافة القرامطة ، وقطع دابرهم ، وكان قد انتصب بعد الطاغية ولده الفأفأ ، فأساء السيرة في أصحاب والده ، وقتل منهم كثيرا ، وما عثم أسعد بن أبي يعفر أن أناخ بجموعه على جبل ثومان ، وقد وافته القبائل اليمنية من كل صوب وحدب فشنّ بهم الغارات على مخلاف جعفر ، وأغار على الحصون ، وكلما خرج عليهم عسكر من المذيخرة كسرهم المسلمون حتى وهنت قوة القرامطة ، وغارت عزائمهم ، وأسعد يشدّد عليهم الحصار ويبالغ في التضييق إلى أن عجزوا عن المقاومة ، ودخل اسعد المذيخرة قهرا بالسيف يوم الخميس ، لسبع ليال بقين من رجب سنة ٣٠٤ فكانت مدة الحصار والمنازلة سنة كاملة ، قال الجندي (١) : (قيل انه لم ينزع اسعد فيها درعه ، ولم يزل متقلدا لسيفه ، وانقطعت دولة القرامطة من مخلاف جعفر ولم تزل المذيخرة خرابا الى عصرنا).
__________________
(١) السلوك ج ١ ص ٢٤٥.