فركبوا في سفينة الباخرة باللغة العجمية «ترن» (٢٠٤) ، فوصلنا سبتة قيلولة اليوم المذكور ، فركبنا حينئذ الباخرة الفاخرة ، فوجدناها في غاية الحسن والاتساع والاتقان ، على حسن تنظيم طبقاتها ، فتلقانا أهلها بالأفراح والانبساط والانشراح ، والتقينا مع إخواننا الحجاج ومشيعيهم من أقاربهم وأحبابهم ، يدخلونها من كل فج ، فكان يوم دخولها يوما مشهودا وقع فيه احتفال كبير ، وابتهاج عظيم ، حتى غصت الباخرة على اتساعها ، ما شاء الله من الداخلين ، فلما سلم بعضهم على بعض ، وحّدوا الله على اجتماعهم لهذه الطاعة وكلهم هنأ بها الآخرين ، نادى مناد في أعلى الباخرة يأمر بخروج غير الحجاج من الباخرة ، ورجوعهم ، فتوادعت الناس وابتهلت وتضرعت لله تعالى بقلوب خاشعة ، وأبدان خاضعة ، وعيون باكية ، وأيد مبسوطة ، داعين للحجاج ببلوغ بغيتهم وبالتيسير لهم في طريقهم ، وبأن يتفضل الله تعالى عليهم بحج مبرور ، وسعي مشكور ، وأن يغفر للمشيعين ، ويتقبل منهم تشييعهم لإخوانهم ، ولا يحرمهم من الأجر ، فعند ذلك رجع المشيعون بسلامة. ومن المشيعين لنا من أهل تطوان حتى وصلنا الباخرة ، قائد المشور السيد محمد المصطفى ، وأخوه الباشا السيد محمد فاضل ابنا القائد ادريس ، والفقيه وزير الأحباس السيد محمد ابن عبد القادر ، والشابان الساكنان وقتهما بتطوان للتعلم بها ، السيد محمد العبادلة (٢٠٥) بن الشيخ محمد الأغظف ابن شيخنا ماء العينين ، والسيد محمد ابن
__________________
(٢٠٤) Train
(٢٠٥) العبادلة : ولد سنة ١٩٢٥ تلقى دراسته الأولى في الصحراء ، هاجر إلى تطوان لاستكمال دراسته العليا ، سخر كل طاقاته لخدمة القضية الوطنية ، فأشرف على فتح عدة فروع لحزب الاستقلال في العيون والسمارة وطنططان ، شارك في مختلف المؤتمرات التي تناولت قضية الصحراء ، كمؤتمر أم الشكاك سنة ١٩٥٦ ومؤتمر بوخشيبية سنة ١٩٥٨ والجمع العام لجمعية الأمم المتحدة سنة ١٩٦٦ ، وغيرها ، جمع جل الأطفال المنحدرين من الأقاليم الجنوبية ، البالغين سن التمدرس ، وأرسلهم بمساعدة رجال المقاومة وجيش التحرير للدراسة في الدار البيضاء ، وأكادير وتفراوت ، وغيرها من مدن شمال المملكة ، توفي في حادثة سير بناحية تارودانت بعد حضوره للمؤتمر الأول للشباب الصحراوي بطنجة سنة ١٩٧٥ ، خلف مجموعة من الأشعار والمقالات. أنظر ترجمته في Le Dossier du Sa ـ () hara occidental, Autilo Gaudio P. ٩٨